الصدر تعطى الأحشاء فسحة للنمو والراحة ، وإذا تم ذلك للمرء كان ذهنه حاضرا لا يضيق ذرعا بأمر ، والوزر : الحمل الثقيل ، وأنقض : أي أثقل ، والظهر إذا أثقله الحمل سمع له نقيض ، أي صوت خفى.
الإيضاح
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) أي إنا شرحنا لك صدرك ، فأخرجناك من الحيرة التي كنت تضيق بها ذرعا ، بما كنت تلاقى من عناد قومك واستكبارهم عن اتباع الحق ، وكنت تتلمس الطريق لهدايتهم ، فهديت إلى الوسيلة التي تنقذهم بها من التهلكة ، وتجنبهم الردى الذي كانوا مشرفين عليه.
وقصارى ذلك ـ إنا أذهبنا عن نفسك جميع الهموم حتى لا تقلق ولا تضجر ، وجعلناك راضى النفس ، مطمئنّ الخاطر ، واثقا من تأييد الله ونصره ، عالما كل العلم أن الذي أرسلك لا يخذلك ، ولا يعين عليك عدوا.
(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) أي حططنا عنك ما أثقل ظهرك من أعباء الرسالة حتى تبلغها ، فجعلنا التبليغ عليك سهلا ، ونفسك به مطمئنة راضية ، ولو قوبلت بالإساءة ممن أرسلت إليهم ، كما يرضى الرجل بالعمل لأبنائه ويهتم بهم ، فالعبء مهما ثقل عليه يخففه ما يجيش بقلبه من العطف عليهم ، والحدب على راحتهم ، ويتحمل الشدائد وهو راض بما يقاسى فى سبيل حياطتهم وتنشئتهم.
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) أي وجعلناك عالى الشأن ، رفيع المنزلة ، عظيم القدر ، وأىّ منزلة أرفع من النبوة التي منحكها الله؟ وأي ذكر أنبه من أن يكون لك فى كل طرف من أطراف المعمورة أتباع يمتثلون أوامرك ، ويجتنبون نواهيك ، ويرون طاعتك مغنما ، ومعصيتك مغرما.
وهل من فخار بعد ذكرك فى كلمة الإيمان مع العلىّ الرحمن؟ وأي ذكر أرفع