من ذكر من فرض الله على الناس الإقرار بنبوته ، وجعل الاعتراف برسالته بعد بلوغ دعوته ، شرطا فى دخول جنته.
هذا إلى أنه صلى الله عليه وسلم أنقذ أمما كثيرة من رقّ الأوهام ، وفساد الأحلام ، ورجع بهم إلى الفطرة الأولى من حرية العقل والإرادة ، والإصابة فى معرفة الحق ، ومعرفة من يقصد بالعبادة ، فاتحدت كلمتهم فى الاعتقاد بإله واحد بعد أن كانوا متفرقين طرائق قددا ، عبّاد أصنام وأوثان ، وشموس وأقمار ، لا يجدون إلى الهدى سبيلا ، ولا للوصول إلى الحق طريقا ؛ فأزاح عنهم تلك الغمّة ، وأنار لهم طريق الهدى والرشاد.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨))
شرح المفردات
العسر : الفقر والضعف وجهالة الصديق وقوة العدو وإنكار الجميل ، فرغت : أي من عمل : فانصب : أي اتعب.
المعنى الجملي
بعد أن أبان بعض نعمه على رسوله من شرح الصدر ، ووضع الوزر ، ورفع الذكر ، بعد استحكام الكرب ، وضيق الأمر ـ ذكر أن ذلك قد وقع على ما جرت به سنته فى خلقه ، من إحداث اليسر بعد العسر ، وأكد هذا بإعادة القضية نفسها مؤكدة لقصد تقريرها فى النفوس وتمكينها فى القلوب.
الإيضاح
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) أي فإن مع الضيق فرجا ، ومع قلة الوسائل إلى إدراك المطلوب مخرجا إذا تدرّع المرء بالصبر وتوكل على ربه ، ولقد كان هذا حال النبي