ربه والتنكيل به ، وسندعو له من جنودنا كل قوىّ متين لا قبل له بمغالبته فيهلكه فى الدنيا ، أو يرديه فى النار فى الآخرة.
والمراد بهم الملائكة الذين أقامهم الله على تعذيب العصاة من خلقه ، وسمّوا زبانية لأنهم يزبنون الكفار فى النار أي يدفعونهم ويسوقونهم إليها.
روى أن أبا جهل قال للنبى صلى الله عليه وسلم حين أغلظ له فى القول : يا محمد بمن تهددنى؟ وإنى لأكبر هذا الوادي ناديا.
وروى أنه قال : لئن رأيت محمدا يصلى عند الكعبة لأطأن عنقه ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو فعل لأخذته الملائكة.
ثم بالغ فى زجر الكافر عن صلفه وكبريائه ، ونفى قدرته علي ما تهدد به فقال :
(كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) أي إنه لن يصل إلى زعمه وأن يدعو نادى قومه ، ولئن دعاهم لا ينفعونه ولا ينصرونه ، فإنه أذل وأحقر من أن يقاومك ، فلا تطعه إذا نهاك عن عبادة ربك كما قال : «فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ» وتوفر على عبادته بالفعل وإبلاغ الرسالة للناس ، وتقرّب بذلك إليه ، ولا تبتعد عنه بتركها ، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
وصلّ وسلم ربنا على من أمرته بالتقرب إليك ، ونهيته عن طاعة عدوك الصّلف المتكبر.
مقاصد هذه السورة
تشتمل هذه السورة على المقاصد الآتية :
(١) حكمة الله فى خلق الإنسان ، وكيف رقاه من جرثومة صغيرة إلى أن بسط سلطانه على جميع العوالم الأرضية.
(٢) إنه لكرمه وعظيم إحسانه علمه من البيان ما لم يعلم ، وأفاض عليه من العلوم ما جعل له القدرة على غيره مما فى الأرض.
(٣) بيان أن هذه النعم على توافرها قد غفل عنها الإنسان ، فإذا رأى نفسه غنيا صلف وتجبر واستكبر.