وهى الموت وما بعده ، لا يسجدون : أي لا يخضعون ولا يستكينون ، يوعون : أي يجمعون فى صدورهم من الإعراض والجحود والحسد والبغي ، والبشارة : الإخبار بما يسر ، واستعملت فى العذاب تهكما ، وممنون : أي مقطوع من قولهم منّ فلان الحبل إذا قطعه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن الإنسان راجع إلى ربه فملاقيه ومحاسبه ، إما حسابا يسيرا إن كان قد عمل الصالحات ، أو حسابا عسيرا إن كان قد اجترح السيئات ، أقسم بآيات له فى الكائنات ، ظاهرات باهرات ، إن البعث كائن لا محالة ، وإن الناس يلقون شدائد الأهوال حتى يفرغوا من حسابهم ، فيصير كل أحد إلى ما أعد له من جنة أو نار.
ونحو الآية قوله : «بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ» وقوله : «يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً» فمن عجيب أمرهم أنهم لا يؤمنون به ، وأعجب منه أنه إذا قرئ عليهم القرآن لا يخضعون له ولا يستكينون ، لأن العناد صدهم عن الإيمان ، ومنعهم من الإذعان ، والله أعلم بما تكنه صدورهم ، وسيجازيهم بشديد العذاب.
أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم ثواب عند ربهم لا ينقطع.
الإيضاح
(فَلا أُقْسِمُ) تقدم أن قلنا : إن العرب اعتادت أن تأتى بمثل هذا القسم حين يكون المقسم عليه أمرا ظاهرا لا يحتاج إلى التوكيد ، فكأنه سبحانه يقول : لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات ما أذكره لكم لأن أمره ظاهر ، وثبوته غير محتاج إلى الحلف عليه.
ويرى بعض العلماء أنه إنما يستعمل حين يكون الحلف على أمر جليل القدر.
عظ الشأن لا يكفى القسم لإثباته. فكأنه سبحانه يقول : لا أقسم بهذه الأشياء