لما لا يتناهى من الكمال ، بما وهبه من العقل ، لا ينشئه هذه النشأة الرفيعة لتكون غايته غاية سائر الحيوان ، بل تقضى حكمته أن يجعل له حياة بعد هذه الحياة يثمر فيها أعماله ، ويوافى فيها كماله.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥))
شرح المفردات
الشفق : هو الحمرة التي تشاهد فى الأفق الغربي بعد الغروب ، وأصله رقة الشيء ، يقال ثوب شفق : أي لا يتماسك لرقته ، ومنه أشفق عليه : أي رق له قلبه قال :
تهوى حياتى وأهوى موتها شفقا |
|
والموت أكرم نزّال على الحرم |
وسق : أي ضم وجمع ، يقال وسقه فاتسق واستوسق : أي جمعه فاجتمع ، وإبل مستوسقة : أي مجتمعة قال :
إن لنا قلائصا حقائقا |
|
مستوسقات لم يجدن سائقا |
واتسق أي اجتمع نوره وصار بدرا ، لتركبنّ : أي لتلاقنّ ، والطبق : الحال المطابقة لغيرها ، قال الأقرع بن حابس :
إنى امرؤ حلبت الدهر أشطره |
|
وساقنى طبق منه إلى طبق |
والمراد لتركبن أحوالا بعد أحوال هى طبقات فى الشدة بعضها أرفع من بعض