والمراد بها النار ، لأنها تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ، تطّلع على الأفئدة : أي تعلو أوساط القلوب وتغشاها ، مؤصدة : أي مطبقة من أوصدت الباب : أي أغلقته قال :
تحنّ إلى أجبال مكة ناقتى |
|
ومن دونها أبواب صنعاء موصده |
والعمد : واحدها عمود ، وممدّدة : أي مطولة من أول الباب إلى آخره.
الإيضاح
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) أي سخط وعذاب من الله لكل طعّان فى الناس ، أكال للحومهم ، مؤذ لهم فى غيبتهم أو فى حضورهم.
ثم ذكر سبب عيبه وطعنه فى الناس فقال :
(الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) أي إن الذي دعاه إلى الحط من أقدار الناس والزراية بهم هو جمعه للمال وتعديده مرة بعد أخرى ، شغفا به وتلذذا بإحصائه ، لأنه يرى أن لا عزّ إلا به ، ولا شرف بغيره ، فهو كلما نظر إلى كثرة ما عنده ظن أنه بذلك قد ارتفعت مكانته ، وهزأ بكل ذى فضل ومزية دونه ، ثم هو لا يخشى أن تصيبه قارعة بهمزة ولمزه وتمزيقه أعراض الناس ، لأن غروره أنساه الموت ، وأعمى بصيرته عن النظر فى مآله ، والتأمل فى أحواله.
ثم بين خطأه فى ظنه فقال :
(يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) أي يظن هذا الهماز العياب أن ما عنده من المال قد ضمن له الخلود فى الدنيا ، وأعطاه الأمان من الموت ، فهو لذلك يعمل عمل من يظن أنه باق حيّا أبد الدهر ، ولا يعود إلى حياة أخرى يعاقب فيها على ما كسب من سىء الأعمال.