ولكن لا تنفعهم الندامة ، ويتمنون لو كانوا أفنوا حياتهم فى التقرب إلى ربهم بصالح الأعمال.
ثم بين ذلك اليوم ووصفه بأوصاف ثلاثة فقال :
(١) (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) أي إذا دكت الأرض دكا بعد دك ، وتتابع عليها. ذلك حتى صارت كالصخرة الملساء ، وذهب كل ما على وجهها من جبال وأبنية وقصور.
(٢) (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي وتجلت لأهل الموقف السطوة الإلهية ، كما تتجلى أبّهة الملك للأعين إذا جاء الملك فى جيوشه ومواكبه ، ولله المثل الأعلى.
(٣) (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) أي وكشفت جهنم للناظرين بعد أن كانت غائبة عنهم.
ونحو الآية قوله : «وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى» أي أظهرت حتى رآها الخلق وعاينوها ، وليس المراد أنها نقلت من مكانها إلى مكان آخر.
(يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) أي حينئذ تذهب الغفلة ، ويتذكر المرء ما كان قد فرّط فيه ، وعرف أن ما كان فيه كان ضلالا ، وأنه كان يجب أن يكون على حال خير مما كان عليها.
ثم بين أن هذه الذكرى لا فائدة منها فقال :
(وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) أي ومن أين لهذه الذكرى فائدة ، أو ترجع إليه بعائدة ؛ وقد فات الأوان ، وحمّ القضاء.
والخلاصة ـ إنه إذا حدثت هذه الأحداث انكشفت عن الإنسان الحجب ، ووضح له ما كان عليه ، وذهبت عنه الغفلة ، وإذ ذاك يتمنى أن يعود ليعمل صالحا ، ولكن أنى له ذلك؟
ثم بين تذكره بقوله :
(يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) أي يتمنى أن يكون قد عمل صالحا ينفعه فى حياته الأخروية التي هى الحياة الحقيقية.