عمله ـ حق لا ريب فيه فى يوم تعظم فيه الأهوال ، وتضطرب القلوب ، وتخشع الأبصار ، ويعجب المبعوثون من عودتهم إلى حياتهم الأولى بعد أن كانوا عظاما نخرة تمر فيها الرياح ، ويتحققون أن صفقتهم كانت خاسرة ، إذا أنهم أنكروا فى الدنيا معادهم ، ويجابون على تعجبهم بألا يحسبوا أن الإحياء صعب على الله ، فما الأمر عنده إلا صيحة واحدة ، فإذا الناس جميعا ظاهرون فى أرض المعاد.
لو تدبرنا أمر القسم ببعض المخلوقات فى الكتاب الكريم لوجدناه يرجع إلى أحد أمرين :
(١) أن تكون هذه المخلوقات قد عظمت فى أعين بعض الناس ، وقوى سلطانها فى نفوسهم ، حتى عبدوها واتخذوها آلهة من دون الله كالشمس والقمر فى نحو قوله : «وَالشَّمْسِ وَضُحاها. وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها» وقد ذكر سبحانه بجانب ذلك بعض صفاتها الدالة على أنها مخلوقة له كتغيرها من حال إلى حال ، وما يطرأ عليها من الأفول والزوال ، مما لا يكون من شأن الآلهة المستحقة للعبادة.
(٢) أن تكون مما احتقره الناس لغفلتهم عن فائدته ، وذهولهم عن موضع العبرة فيه ، ولو أنهم تدبروا فيما هو عليه من جليل الصنعة ، وبديع الحكمة لاهتدو إلى معرفة خالقة ، ونعتوه بما هو أهل له من صفات الجلال والكمال.
فأقسم سبحانه على التوحيد فى قوله : «وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً. إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ».
وأقسم على أن الرسول حق بقوله : «وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ».
وأقسم إن القرآن حق فى قوله : «فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ».