أي المسرعات عن غيرها فى سبحها ، فتتم دورتها حول ما تدور عليه فى مدة أسرع مما يتم غيرها كالقمر فإنه يتم دورته فى شهر قمرى ، والأرض تتم دورتها فى سنة شمسية ، وهكذا غيرها من السيارات السريعة ، ومنها ما لا يتم دورته إلا فى سنين ، فالمدبرات أمرا : أي فالكواكب التي تدبر بعض الأمور الكونية فى عالمنا الأرضى بظهور بعض آثارها ، فسبق القمر علّمنا حساب شهوره ، وله الأثر العظيم فى السحاب والمطر وفى البحر من المدّ والجزر ، ولضيائه حين امتلائه فوائد فى تصريف منافع الناس والحيوان ، وسبق الشمس فى أبراجها علّمنا حساب الشهور ، وسبقها إلى تتميم دورتها السنوية علمنا حساب السنين ، وخالف بين فصول السنة ، واختلاف الفصول من أسباب حياة النبات والحيوان ، وقد نسب إليها التدبير ، لأنها أسباب ما نستفيده منها ، والمدبر الحكيم : هو الله تعالى جل شأنه.
وترجف : أي تضطرب وتتحرك ، والراجفة : الأرض بمن عليها ، والرادفة : السماء وما فيها تردفها وتتبعها ، فإنها تنشق وتنثر كواكبها ، الواجفة : أي الشديدة الاضطراب خاشعة : أي ذليلة ، الحافرة : الحياة الأولى ، أي الحياة بعد الموت وقد ظنوها حياتهم الأولى ، يقال رجع فى حافرته : أي فى طريقه التي جاء فيها ، والنخرة : البالية الجوفاء التي تمر فيها الرياح ، والكرّة : الرجعة من الكرّ ، وهو الرجوع ، والخاسرة : هى التي يخسر أصحابها ولا يربحون ، والزجرة : الصيحة ، والمراد بها النفخة الثانية يبعث بها الأموات ، والساهرة : الأرض البيضاء المستوية ، لأن السراب يجرى فيها ، وسميت بذلك لأن شدة الخوف التي تعترى من عليها تطير النوم من أعينهم فلا يذوقون نوما ، فهى ساهرة : أي ساهر من عليها.
المعنى الجملي
بدأ سبحانه هذه السورة بالجلف بأصناف من مخلوقاته ـ إن ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من أمر البعث وعرض الخلائق على ربهم ، لينال كل عامل جزاء