ثم بين سبب الذي حملهم على ذلك فقال :
(بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي ليس الأمر كما يقولون من أنه أساطير الأولين ، بل الذي جرأهم على ذلك هو أفعالهم التي دربوا عليها واعتادوها فصارت سببا لحصول الرين على قلوبهم ، فالتبست عليهم الأمور ولم يدركوا الفرق بين الكذب الفاضح ، والصدق الواضح ، والدليل اللائح.
وبعد أن بين منزلة الفجار والمكذبين بيوم الدين ـ دحض ما كانوا يقولون من أن لهم الكرامة والمنزلة الرفيعة يوم القيامة فقال :
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) أي ارتدعوا عما تقولون من أنكم يوم القيامة تكونون مقربين إلى الله ، فإنكم ستطردون من رحمته ولا تنالون رضاه ، ولا تدركون ما زعمتم من القرب والزلفى عنده كما قال : «وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ».
ثم ذكر ما يكون لهم فوق ذلك فقال :
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) أي وبعد أن يحجبوا فى عرصات القيامة عن الدنو من ربهم ، وإدراك أمانيهم التي كانوا يتمنونها ـ يقذف بهم فى النار ويصلون سعيرها ويقاسون حرها.
ثم أرشد إلى أنهم حينئذ يبكّتون ويوبخون فوق ما بهم من الآلام فقال :
(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي هذا الذي عوقبتم به ـ هو جزاء ما كنتم تكذبون به من أخبار الرسول الصادق ، كزعمكم أنكم لن تبعثوا ، وأن القرآن أساطير الأولين ، وأن محمدا ساحر أو كذاب ، إلى نحو ذلك من مقالاتكم ، والآن قد تبين لكم حقيقة أمركم ، وعاينتم بأنفسكم أن ما كان يقوله نبيكم هو الحق الذي لا شك فيه.