ثم بين مآله وعاقبة أمره فقال :
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) أي فيومئذ لا يصاب أحد بعذاب مثل ذلك العذاب الذي يصيب ذلك الإنسان الذي أبطره الغنى فجحد نعمة الله عليه ، أو أفسده الفقر حتى عثا فى الأرض فسادا ، ولا يوثق أحد من الخلائق وثاقا مثل هذا الوثاق الذي يوثقه ذلك الإنسان.
ولا يخفى ما فى ذلك من تقوية الذكرى لمن له قلب يذكر ، ووجدان يشعر.
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠))
شرح المفردات
المطمئنة. من الاطمئنان وهو الاستقرار والثبات ، إلى ربك : أي إلى ثوابه وموقف كرامته ، فى عبادى : أي فى زمرة عبادى المكرمين.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر حال الإنسان الذي خلّى وطبعه ، فاستولى عليه جشعه وحرصه على رغباته وشهواته ، حتى خرجت عن سلطان الحكمة والعقل ، ثم ذكر عاقبة أمره فى الآخرة ـ أعقب هذا بذكر حال الإنسان الذي ارتقى عن ذلك الطبع وسمت نفسه إلى مراتب الكمال ، فاطمأن إلى معرفة خالقه ، واستعلى برغائبه إلى المطامع الروحية ، ورغب عن اللذات الجسمانية ، فكان فى الغنى شاكرا لا يتناول إلا حقه ، وفى الفقر صابرا لا يمد يده إلى ما لغيره ، وبين أنه فى ذلك اليوم يكون بجوار ربه راضيا بعمله فى الدنيا ، مرضيا عنده ، يدخله فى زمرة الصالحين المكرمين من عباده.