(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي إن هذه التذكرة بينة ظاهرة ، فلو أن إنسانا أراد أن يتدبرها ، ويتفهم معناها ، ويتعظ بها ، ويعمل بموجبها ـ لقدر على ذلك واستطاعه ، ولا يمنعه عن الاهتداء بها إلا عدم المشيئة عنادا واستكبارا.
(٢) (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ) أي وقد أودعت هذه التذكرة فى الكتب الإلهية ذات الشرف والرفعة ، المطهرة من النقائص ولا تشوبها شوائب الضلالات ، تنزّل بوساطة الملائكة على الأنبياء ، وهم يبلغونها للناس.
وكل من الملك والنبي سفير ، وكل منهما رسول ، والملائكة كرام على الله كما قال : «بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ» وأبرار أطهار لا يقارفون ذنبا ، ولا يجترحون إثما ، كما قال سبحانه : «لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ».
(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣))
شرح المفردات
قدره : أي أنشأه فى أطوار وأحوال مختلفة ، طورا بعد طور ، وحالا بعد حال ، والسبيل : الطريق ، يسره : أي سهل له سلوك سبل الخير والشر ، فأقبره : أي جعل له قبرا يوارى فيه ، أنشره : أي بعثه بعد الموت ، كلا : زجر له عن ترفعه وتكبره.
المعنى الجملي
بعد أن بين حال القرآن وذكر أنه كتاب الذكرى والموعظة ، وأن فى استطاعة كل أحد أن ينتفع بعظاته لو أراد ـ أردف هذا ببيان أنه لا يسوغ للإنسان مهما