الداء فى جسم الأمة ـ دليل على أن ما يزعمون من اعتقادهم بإله يأمرهم وينهاهم ، وأن لهم دينا يعظهم ، زعم باطل ، وإذا غشّوا أنفسهم وادّعوا أنهم يتذكرون الزواجر ، ويراعون الأوامر ، فذلك مقال تكذبه الفعال.
الإيضاح
(كَلَّا) أي لم أبتل الإنسان بالغنى لكرامته عندى ، ولم أبتله بالفقر لهوانه علىّ ، فالكرامة والإهانة لا يدوران مع المال سعة وقلة ، فقد أوسّع على الكافر لا لكرامته ، وأضيّق على المؤمن لا لهوانه ، وإنما أكرم المرء بطاعته ، وأهينه بمعصيته ، وقد أوسع على المرء بالمال لأختبره أيشكر أم يكفر؟ وأضيق عليه لأختبره أيصبر أم يضجر؟
ثم انتقل وترقى من ذمهم بقبيح الأقوال إلى النعي عليهم بقبيح الأفعال فقال :
(بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) أي بل لكم أفعال وأحوال شر من أقوالكم تدل على تهالككم على المال ، فقد يكرمكم الله بالمال الكثير فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم وبره والإحسان إليه وقد جاء فى الحديث الحث على ذلك ، فلقد قال صلى الله عليه وسلم : «أحب البيوت بيت فيه يتيم مكرم» وورد أيضا : «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة» وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلى الإبهام.
قال مقاتل : أنزلت الآية فى قدامة بن مظعون وكان يتيما فى حجر أمية ابن خلف.
(وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أي ولا يحث بعضكم بعضا على إطعامه وإصلاح شأنه ، وإذا لم تكرموا اليتيم ولم يوص بعضكم بعضا بإطعام المسكين فقد كذبت مزاعمكم فى أنكم قوم صالحون.
وإنما ذكر التحاضّ على الطعام ولم يكتف بالإطعام ، فيقول ولم تطعموا