الإيضاح
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أي إذا كورت الشمس وأمحى ضوؤها وسقطت حين خراب العالم الذي يعيش فيه الحىّ فى حياته الدنيا ، ولا يبقى فى عالمه الآخر الذي ينقلب إليه شىء من هذه الأجرام.
(وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي وإذا النجوم تناثرت وذهب لألاؤها كما جاء فى قوله : «وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ».
(وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي وإذا الجبال قلعت عن الأرض وسيرت فى الهواء حين زلزلة الأرض ، فتقطع أوصالها وتقذف فى الفضاء ، وتمر على الرءوس مرّ السحاب ونحو الآية قوله : «وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً» وقوله : «وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً».
(وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) أي وإذا النوق العشار وهى أكرم الأموال لديهم ، وأعزها عندهم ـ أهملت ولم يعن بشأنها لاشتداد الخطب ، وفداحة الهول.
وهذا على وجه المثل ، لأن يوم القيامة لا تكون فيه ناقة عشراء ، ولكن مثّل هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه قاله القرطبي.
(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي ماتت وهلكت ، تقول العرب إذا أضرّت السنة بالناس وأصابتهم بالقحط والجدب ، حشرتهم السنة : أي أهلكتهم ، وهلاكها يكون من هول ذلك الحادث العظيم.
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي فجر الزلزال ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرا واحدا وهذا على نحو ما جاء فى قوله : «وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ».
وقد يكون المراد من تسجيرها إضرامها نارا. فإن ما فى باطن الأرض من النار يظهر بتشققها وتمزّق طبقاتها العليا ، وحينئذ يصير الماء بخارا ، ولا يبقى إلا النار.