جالسا قد لبس طيلسانه وخفه وشاسيته ، ولما رآني نهض فأديت إليه الرسالة فجاء وركب فلما استوى على الحمار وقف ، فقلت : ما وقوفك يا سيدي؟ فقال : حتى يخرج جعفر فقلت له انما امرني باطلاقك دونه ، فقال لي : ارجع إليه وقل له خرجنا من دار واحدة جميعا ، واذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك مقالا (حفانة) عنك ، فمضى وعاد وقال له : يقول لك قد اطلقت جعفرا لك ، فخلى سبيله ومضى معه الى داره.
وحدثني ابو التحف المصري ، يرفع الحديث برجاله الى ابي يعقوب اسحاق بن ابان قال : كان ابو محمد (ع) يبعث الى اصحابه وشيعته صيروا الى موضع كذا وكذا والى دار فلان بن فلان العشاء والعتمة في كيلة كذا فانكم تجدوني هناك ، وكان المتوكلون به لا يفارقون باب الموضع الذي حبس فيه (ع) بالليل والنهار ، وكان يعزل في كل خمسة ايام الموكلين ويولي آخرين بعد ان يجدد عليهم الوصية بحفظه والتوفر على ملازمة بابه ، فكان اصحابه وشيعته يصيرون الى الموضع وكان عليه السلام قد سبقهم إليه ، فيرفعون حوائجهم إليه فيقضيها لهم على منازلهم وطبقاتهم وينصرفون الى اماكنهم بالايات والمعجزات ، وهو (ع) في حبس الاضداد.
وروي ان احد اصحابه صار إليه وهو في الحبس وخلا به فقال له : أنت حجة اللّه في ارضه وقد حبست في خان الصعاليك ، فاشار بيده وقال (ع) : انظر فاذا حواليه روضات وبساتين