التفاوت بين هذا الحکم وحکم العقل بأن الکل اعظم من الجزء لان العلوم الضرورية لا تتفاوت. ولکن لا شک بوقوع التفاوت بين الحکمين عند العقل.
وقد غفلوا في استدلالهم اذ قاسوا قضية الحسن والقبح على مثل قضية الکل اعظم من الجزء. وکأنهم ظنوا أن کل ما حکم به العقل فهو من الضروريات مع ان قضية الحسن والقبح من المشهورات بالمعني الاخص ومن قسم المحمودات خاصة والحاکم بها هو العقل العملي. وقضية الکل اعظم من الجزء من الضروريات الاولية والحاکم بها هو العقل النظري. وقد تقدم الفرق بين العقلين کما تقدم الفرق بين المشهورات والضروريات. فکان قياسهم قياسا مع الفارق العظيم والتفاوت واقع بينهما لا محالة ولا يضر هذا في کون الحسن والقبح عقليين فانه اختلط عليهم معني العقل الحاکم في مثل هذه القضايا فظنوه (١) شيئا واحدا کما لم يفرقوا بين المشهورات (٢) واليقينيات فحسبوهما شيئا واحدا مع انهما قسمان متقابلان.
٣ ـ الخلقيات
وتسمي الآراء المحمودة أيضا وهي حسب تعريف المنطقيين ما تطابق عليها آراء العقلاء من أجل قضاء الخلق الانسان بذلک کالحکم بوجوب محافظةالحرم او الوطن وکالحکم بحسن الشجاعة والکرم وقبح الجبن والبخل.
والخلق ملکة في النفس تحصل من تکرر الفعال الصادرة من المرء
__________________
(١) يظهر منه : أن العقل العملي غير العقل النظري ، ولكنه قد مر منه في الصفحة السابقة : أن التفاوت بينهما إنما هو بتفاوت المدركات.
(٢) بالمعنى الأخص.