الجاهلية ، استطاع أن يعرف آيات الحج أكثر من غيره ممن لم يعرف (١).
وهكذا نشأ علم التفسير لفهم القرآن وتدبره ، ولتبيان ما أوجز فيه ، أو ما أشير إليه فيه إشارات غامضة ، أو لما غمض علينا نحن من تشابيهه واستعاراته وألفاظه أو لشرح أحكامه (٢) ، هذا وقد نشأ التفسير في عصر الرسول ، صلىاللهعليهوسلم ، فكان النبي أول المفسرين له ، ثم تابعه أصحابه من بعد (٣) ، على أساس أنهم الواقفون على أسراره ، المهتدون بهدي النبي صلىاللهعليهوسلم (٤) ، ولعل أشهر المفسرين من الصحابة ، الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود (٥).
وجاء عصر التابعين ، الذين أخذوا عن الصحابة ، وأشهرهم تلاميذ ابن عباس في مكة ، كمجاهد (٢١ ـ ١٠٣ ه) وعطاء بن رباح (٢٧ ـ ١١٤ ه) وعكرمة (٢٥ ـ ١٠٥ ه) مولى ابن عباس ، وسعيد بن جبير (٤٥ ـ ٩٤ ه) ، ومن أهل المدينة عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ومحمد كعب القرضي (ت ١١٧ ه) ورافع بن مهران ، أو كما يكنى أبو العالية الرياحي (ت ٩٣ ه) ، وأما تلاميذ عبد الله بن مسعود في العراق ، فمسروق بن الأجدع ـ وهو عربي من همدان ـ وقتادة أبو الخطاب السدوسي ـ وهو عربي كان يسكن البصرة ـ وعطاء الخراساني
__________________
(١) نفس المرجع السابق ص ١٩٧ ـ ١٩٨
(٢) عمر فروخ : تاريخ الجاهلية ص ١٦ ، وانظر : البرهان ٢ / ١٣
(٣) فتاوى الإمام ابن تيمية ١٣ / ٣٣١ ـ ٣٣٣
(٤) اشتهر بتفسير القرآن عشرة من الصحابة ، وهم الخلفاء الاربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الاشعري وعبد الله بن الزبير ، وأما الخلفاء فأكثر ما روي عنه هو الإمام علي ، والرواية عن الثلاثة نذرة جدا (كشف الظنون ١ / ١٧٨ ، الاتقان ٢ / ١٨٧ ـ ١٨٩ ، فتاوي ابن تيمية ١٣ / ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ، ١٧ / ٤٠٢ ، فجر الاسلام ص ٢٠٢ ـ ٢٠٤)
(٥) راجع شروط المفسر وآدابه (الاتقان ٢ / ١٧٥ ـ ١٨٧ ، تفسير المنار ١ / ١٧ ـ ٢٦ ، التبيان في علوم القرآن ص ١٧٧ ـ ١٨١)