(٥٠ ـ ١٣٥ ه) ، فضلا عن الإمام الحسن البصري ، ذلك العالم الزاهد ، الذي ولد في المدينة المنورة ، وشب في كنف الإمام علي بن أبي طالب ، ثم استكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية ، فسكن البصرة ، وتوفي بها عام ١١٠ ه (١).
وفي هذا العصر ـ عصر التابعين ـ تضخم التفسير بالإسرائيليات والنصرانيات ، لأسباب كثيرة ، منها (أولا) أن كثيرا من اليهود كان ـ إبان ظهور الإسلام وقبله ـ يقيمون في المدينة المنورة وفي مجاوراتها ، كبني قينقاع وبني قريظة وبني النضير ، فضلا عن يهود خيبر وفدك وتيماء ، وكان هؤلاء وأولئك قد حملوا معهم إلى بلاد العرب ـ يوم وفدوا إليها خلال القرنين ، الأول والثاني بعد الميلاد ، على ما نرجح (٢) ـ ما حملوا من ثقافات مستمدة من كتبهم الدينية ، وما يتصل بها من شروح ، وما توارثوه جيلا بعد جيل عن أنبيائهم وأحبارهم ، هذا وقد كان لليهود في بلاد العرب مواضع يقيمون فيها عبادتهم وشعائر دينهم ، ويتدارسون فيها أحكام شريعتهم وأيامهم الماضية ، وأخبارهم الخاصة برسلهم وأنبيائهم وكتبهم وغير ذلك ، عرفت عند الجاهليين «بالمدارس» أو «بيت
__________________
(١) الاتقان ٢ / ١٩٠ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، فتاوى ابن تيمية ١٣ / ٣٣٢ ، ٣٤٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ١٥ / ٦٧ ، ٦٨ ، ٢٠١ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، فجر الاسلام ص ١٧٤ ، ١٨٤ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، التبيان في علوم القرآن ص ١٦٠ ـ ١٧٠
(٢) يختلف المؤرخون في العصر الذي جاء فيه اليهود إلى بلاد العرب ، ففريق يراه على أيام موسى (القرن ١٣ ق. م.) وفريق يراه على أيام داود (١٠٠٠ ـ ٩٦٠ ق. م.) وفريق يراه عقب استيلاء سرجون الثاني على السامرة عام ٧٢٢ ق. م. ، وفريق يراه بعد استيلاء نبوخذ نصر على أورشليم عام ٥٨٦ ق. م. ، وأخيرا هناك من يراه بعد القضاء النهائي على اليهود في فلسطين على أيام تيتوس عام ٧٠ م ، وعلى أيام هدريان فيما بين عامي ١٣٢ ، ١٣٥ م ، وهذا ما نرجحه (أنظر التفصيلات في كتابنا «بلاد العرب» ، وهو الجزء الخامس ، من «دراسات في تاريخ الشرق الادنى القديم ـ تحت الطبع)