المدارس» (١) ، ويروي أبو داود عن ابن عباس ، أن هذا الحي من الأنصار كانوا ـ وهم أهل وثن ـ مع هذا الحي من اليهود ـ وهم أهل كتاب ـ يرون لهم فضلا ، ويقتدون بكثير من أفعالهم (٢).
ومنها (ثانيا) أن العرب كانوا يقومون برحلات إلى الشام واليمن ، وبدهي أنه كانت تتم بين العرب واليهود الذين كانوا يستوطنون هذه البلاد ، لقاءات لا شك أنها كانت عاملا قويا من عوامل تسرب الثقافة اليهودية إلى العرب الذين كانت ثقافتهم ـ بحكم بداوتهم وجاهليتهم ـ محدودة ضيقة ، وزاد الطين بلة ، أن اليهود الذين نقل العرب عنهم ، كانوا في غالبيتهم بداة مثلهم ، لا يعرفون من كتبهم ، إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب (٣).
ومنها (ثالثا) دخول جماعات من علماء اليهود وأحبارهم في الإسلام ، كعبد الله بن سلام ، وعبد الله بن صوريا ، وكعب الأحبار وغيرهم ، ممن كانت لهم ثقافة يهودية واسعة ، وكانت لهم بين المسلمين مكانة مرموقة ومركز ملحوظ ، بهذا كله التحمت الثقافة الإسرائيلية بالثقافة الإسلامية ، بصورة أوسع وعلى نطاق أرحب (٤) ، ومنها (رابعا) ميل النفوس لسماع التفاصيل عما يشير اليه القرآن من أحداث يهودية ونصرانية (٥) ، ومنها (خامسا) أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، وإنما
__________________
(١) أنظر : المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ٢ / ١٢٠ ، رمزي نعناعة : الاسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص ١٠٧ ، صحيح البخارى ٩ / ١٣١ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.
(٢) انظر : تفسير ابن كثير ١ / ٢٦١
(٣) محمد السيد الذهبى : الإسرائيليات في التفسير والحديث ص ٢٤ ـ ٢٥ ، مقدمة ابن خلدون ص ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
(٤) محمد السيد الذهبي : المرجع السابق ص ٢٦
(٥) احمد امين : فجر الإسلام ص ٢٠٥