سلام» قد ترجم التوراة ترجمة دقيقة ، (١) فاذا صح ذلك ، فإن الرجل يكون قد قدم مادة جديدة خصبة من الاسرائيليات يضيفونها إلى تفسير القرآن الكريم ، ومن ثم فقد توسع المفسرون والمؤرخون في الاستعانة بهذه الترجمة ـ إن كانت قد وجدت حقا ـ في تصوير أخبار ما قبل البعثة وكانوا أحيانا يزيدون في هذه الأخبار ، كلما استبد بالمفسر الميل إلى الإغراب والتقصي لجزئيات الأحداث ، وقد جرأهم على ذلك ضعف ملكة النقد عند معاصريهم (٢) ، بل إن الأمر لم يقتصر على ضعف ملكة النقد هذه ، وإنما تجاوزها إلى أن عدم معرفة العرب للغة العبرية جعلهم لا يعرفون مدى صحة هذه التوراة المترجمة ، ثم إن اليهود أنفسهم ـ في دمشق وحلب مثلا ـ كانوا ينكرون على يهود بلاد العرب يهوديتهم ، لأنهم لم يحافظوا على الديانة اليهودية التوحيدية (٣) ، كما أننا نعرف أن التوراة يصعب على رجل واحد القيام بترجمتها ، فضلا عن أن تكون تلك الترجمة دقيقة (٤) ـ وان بخاصة الذي قام بها ، فيما يزعمون ، من يهود بلاد العرب ، وهم ليسوا أعلم من العرب بكثير ـ وعلى أي حال ، فالمعروف أن التوراة ، إنما ترجمت إلى اللغة العربية حوالي عام ٧١٨ م ، وبالتأكيد أن أحمد هذا لم يكن واحدا ممن شاركوا فيها.
ومنها (ثامنا) أن معلومات العرب الجاهليين عن أسفار التوراة معلومات مشوهة ، بل إن العربي الجاهلي كان ينظر إلى ما في أيدي الرهبان والأحبار ، نظرة احترام تمنعه من أن يجادل فيها ، بل إن ما جاء في
__________________
(١) الفهرست ص ٣٢
(٢) رمزي نعناعة : المرجع السابق ١٩٨
(٣) اسرائيل ولفنسون : تاريخ اليهود في بلاد العرب ص ١٣ ، حسن إبراهيم : تاريخ الاسلام السياسى ١ / ٧٣ وكذا D. S. Margoliouth, The Relations Between Arabs and Israelites وكذا Prior to the Rise of Islam, P. ٠٦ Greatz, History of the Jews, IIIP. P. ١٥, ٥٧
(٤) راجع ترجمات التوراة في كتابنا اسرائيل ص ٤٨ ـ ٥١