حنبل إلى أن يقول كلمته المشهورة «ثلاثة ليس لها أصل : التفسير والملاحم والمغازي ، أي ليس لها إسناد ، لأن الغالب عليها المراسيل (١) ، وإلى أن يقول ابن تيمية : «والموضوعات في كتب التفسير كثيرة» (٢).
ومع ذلك كله ، فإن الأمر لم يكن خطيرا على أيام الرسول صلىاللهعليهوسلم لأن صحابته كانوا أعرف الناس بأمور دينهم ، إلا أن عصر التابعين كان جد مختلف ، إذ كثر النقل فيه عن يهود ، ومن ثم فقد وجدت أسفار يهود وأناجيل النصارى طريقها إلى كتب التفسير ، وزاد الطين بلة أن وجد في تلك الفترة جماعة من المفسرين أرادوا ان يسدوا ما يرونه ثغرة قائمة في التفسير ، بما وصل إليهم من الإسرائيليات ، فجاء ما روي عنهم في التفسير مليئا بقصص كله سخف ونكارة ، كالذي نراه في كتب التفسير منسوبا إلى قتادة ومجاهد ، ثم جاء في عصر التابعين من عظم شغفه بالإسرائيليات وأفرط في الأخذ منها إلى درجة جعلتهم لا يردون قولا ، ولا يحجمون عن أن يلصقوا بالقرآن كل ما يروى لهم ، وإن كان لا يتصوره عقل ، واستمر الشغف بالإسرائيليات ، والولع بنقل الأخبار التي كان يعتبر الكثير منها نوعا من الخرافة ، إلى أن جاء عصر التدوين (٣).
وعلى أي حال ، سواء أكانت هذه هي كل الأسباب ، أم أن هناك أسبابا أخرى ، فالذي لا شك فيه أن كثيرا من كتب التفسير قد اتسع لما قيل من ذلك وأكثر ، حتى أصبح فيها مزيجا متنوعا من مخلفات الأديان المختلفة والمذاهب المتباينة ، التي ترامت إلى علم العرب (٤) ، وحتى حوت
__________________
(١) ابن تيمية : مقدمة في أصول التفسير ص ١٤ (طبعة دمشق) ، تفسير المنار ١ / ٨ ، وأنظر : الأسرار المرفوعة ص ٣٣٩ ، كشف الخفاء ٢ / ٤٠٢ ، المقاصد الحسنة ص ٤٨١ ، تمييز الطيب من الخبيث ص ١٩٨.
(٢) ابن تيمية : الرجع السابق ص ١٩
(٣) محمد السيد الذهبي : المرجع السابق ص ٣٦ ـ ٣٧ مقدمة ابن خلدون ص ٤٩٠ ـ ٤٩١
(٤) أمين الحولي : التفسير : معالم حياته ، منهجه اليوم ص ١٠ ـ ١١ ، دائرة المعارف الاسلامية ٩ / ٤١٥ ، محمد السيد الذهبي : التفسير والمفسرون ١ / ٨٨