ق. م.) ، فلم يكن ملكه يزيد ـ بحال من الأحوال ـ عن سورية بمعناها القديم ، فضلا عن العراق ، ومرة أخرى ، ربما تأثر الكتاب المسلمون بروايات التوراة عن «نبوخذ نصر» الذي كتب له القضاء على البقية الباقية من الكيان السياسي لليهود في فلسطين ، ثم القيام بالأسر البابلي المعروف في التاريخ (١) ، وهكذا بدأ كتابنا يتأثرون بكتابات اليهود عن الرجل ، حتى أنهم جعلوه يغزو بلاد العرب على أيام «عدنان» لسبب لا يخطر على بال مؤرخ ، ذلك السبب هو الغيرة على أنبياء الله الذين قتلهم العرب ، ولست أدري كيف قبل المؤرخون الإسلاميون هذه الاسطورة ، وهم يعتقدون ـ في نفس الوقت ـ أن الرجل إنما كان كافرا ، وقد يزول العجب حين ينسبون إصدار أمر الغزو إلى «برخيا» اليهودي ، وكأن مذلّ اليهود ، إنما يعمل بأمر اليهود (٢) ، ثم قد يعود العجب مرة أخرى ، إذا علمنا أن توراة اليهود تخلو تماما من هذه الروايات ، وأن الفترة ما بين عهد «عدنان» وعهد نبوخذ نصر جد بعيدة (٣).
واما سليمان بن داود ـ عليهالسلام ـ فإن المصادر التاريخية جميعا ، بما فيها التوراة ، تتفق ـ هذا إذا استثنينا المصادر العربية ـ على أن ملك
__________________
(١) انظر كتابنا اسرائيل ص ٥٢٩ ـ ٥٣٥ وكذا W. Keller, The Bible as History, PP. ٠٨٢ ـ ٤٨٢ A. Malamat, The Last Wars of the Kingdom of Judah. PP. ٣٢٢ ـ ٥٢٢, M. Noth, The History of Israel, PP. ٥٨٢ ـ ٨٨٢, S. Cook, in CHA, II, ٥٦٩١, PP. ٩٩٣ ـ ٢٠٤. Finegan, Light from the Ancient Past, P. ٦٢٢, W. O. E. Oesterley, Egypt and Israel, P. ٣٣٢
(٢) تاريخ الطبري ١ / ٥٥٨ ـ ٥٦٠ ، ابن الأثير ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٢ ، المسعودي ٢ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، معجم البلدان ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٣١ ، الإكليل ٢ / ٢٨٦
(٣) أنظر : كتابنا «بلاد العرب»