وإسحاق من سارة (١) ، ثم هناك رواية سفر التكوين ـ الآنفة الذكر ـ التي تجعل أبناء إسماعيل إنما يسكنون بين مصر والعراق ، «سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر» (٢) ، وحويلة هي خولان ، وخولان قبيلة يمنية تسكن سراة اليمن مما يلي الحجاز ، مما يدل على أن مكة تشملها مساكن إسماعيل وبنيه ـ كما أشرنا من قبل ـ ومنها (ثالثا) أن الإسلام لم يعتز قط بالانتساب إلى يهودية إبراهيم ، بل إنه لينفي عنه اليهودية أصلا ، (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ، وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً» (٣).
ومنها (رابعا) ، ففيما يختص بالكعبة ، فقد ثبت بنص القرآن الكريم ـ وكذا التوراة ـ أن إبراهيم قد أوصل ابنه إسماعيل إلى مكة ، وإذا كان من المتعين أن يقيم له فيها بنية يجعلها متعبدا على مثال الصوامع ، ولم ينازع أحد إلى اليوم إبراهيم في أنه باني ذلك المصلى ، حتى يصح أن يقال ، أن محمدا (صلىاللهعليهوسلم) نسبه إليه تعظيما لشأنه ، ولم تختص الكعبة وحدها بأنها بيت الله ، فكل المساجد بيوت الله عند المسلمين ، وإنما عظمت الكعبة لأنها أول بيت لله وضع للناس ببكة ، ومما يدل على أن النبي (صلىاللهعليهوسلم) لم يتخذ بناء الكعبة أساسا من أسس دعوته أنه أمر أصحابه أن يولوا وجوههم في صلاتهم شطر بيت المقدس طوال مقامه بمكة (٤) ، ثم ألم يؤمن أصحاب هذا الاتجاه ـ مسيحيون كانوا أم يهودا ـ بما جاء في التوراة من أن إبراهيم قد أقام مذابح للرب عند شكيم
__________________
(١) تكوين ١٦ : ١٥ ـ ١٦ ، ٢١ : ٢١
(٢) تكوين ٢٥ : ١٨
(٣) سورة آل عمران : آية ٦٧ وانظر : تفسير الكشاف / ٣٧٠ ـ ٣٧١ ، تفسير مجمع البيان ٣ / ١٠٩ ـ ١١١ ، تفسير العلى القدير ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٥٤ ـ ٥٥ ، في ظلال القرآن ٣ / ٤٠٧ ـ ٤١٢ ، الدرر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٤١ ، تفسير القرطبي ٤ / ١٠٩ ، تفسير الطبري ٦ / ٤٩٣ ـ ٤٩٦.
(٤) دائرة المعارف الاسلامية ١ / ١٤٦ ـ ١٤٧.