وبيت إيل ، وعند بلوطات ممر التي في حبرون وغيرها (١) ، فاذا كانوا يؤمنون بذلك ، فلم ينكرون بناء إبراهيم للكعبة.
ومنها (خامسا) أن الاتجاه الذي يذهب إلى أن محمدا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ظل بعيدا عن صلة العرب بابراهيم واسماعيل إلى أن هاجر إلى المدينة ، فبدت له فكرة أن يصل حبل العرب الذين هو منهم باليهود عن طريق إبراهيم وإسماعيل ، إنما هو اتجاه يهدم التوراة ، قبل أن يثير أي شكوك حول القرآن الكريم ، لأن التوراة ذكرت صلة إبراهيم بإسماعيل ، وأنه جدّ عدة قبائل في بلاد العرب (٢).
ومنها (سادسا) أن «فنسنك» حين عدّ السور المكية عمد إلى التي يذكر فيها إبراهيم مجردا عن الصلة باسماعيل والعرب ، ولذا فهو قد تخطى سورة إبراهيم ـ وهي مكية ـ وقد شهدت بعكس ما يقول ، وآياتها شاهدة بأن إبراهيم وإسماعيل بنيا البيت ، وأنهما كانا يدعوان الله تعالى بالهداية وأن يجنبهما وبنيّهما عبادة الأصنام ، وإبراهيم يذكر أنه أسكن من ذريته بواد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم ، ويدعو الله أن يرزقهم من الثمرات ، ويحمد الله أن وهب له إسماعيل وإسحاق ، ولنقرأ هذه الآيات الكريمة ، «وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ، رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
__________________
(١) تكوين ١٢ : ٧ ـ ٨ ، ١٣ : ١٨
(٢) تكوين ٢٥ : ١٢ ـ ١٨.