وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ ، رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ» (١).
ومنها (سابعا) أن القول بأن القرآن الكريم لم يذكر إلا في السور المدنية أن إبراهيم كان حنيفا ، فذلك ـ مرة أخرى ـ غير صحيح ، ذلك لأن القرآن الكريم ، إنما ذكر ذلك في سورتي الأنعام والنحل ـ وهما مكيتان ـ ولنقرأ هذه الآيات الكريمة ، «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٢) و «قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٣) و «إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٤) ، «ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (٥) ، وهكذا يتخطى فنسنك ـ كما يقول الأستاذ النجار ـ هذه الآيات عمدا ، غاضا النظر عما تقضي به الأمانة في سبيل تأييد نظريته (٦).
ومنها (ثامنا) تلك الدعوة التي تذهب إلى أن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) جاء إلى المدينة ، وكله أمل أن يؤمن اليهود به ويظاهروه على أمره ، فلما أخلفوا ما أمله وكذبوه ، أراد أن يتصل بهم عن طريق إبراهيم ، وعبّر عن ذلك بيهودية إبراهيم ، فذلك غير صحيح كذلك ، ذلك لأن النبي (صلىاللهعليهوسلم) لم يكن يعتز باليهود أبدا ، وإنما كان يتوقع أن
__________________
(١) سورة إبراهيم : آية ٣٥ ـ ٤١
(٢) سورة الإنعام : آية ٧٩
(٣) سورة الإنعام : آية ١٦١
(٤) سورة النحل : آية ١٢٠
(٥) سورة النحل : آية ١٢٣
(٦) عبد الوهاب النجار : المرجع السابق ص ٧٥