يؤمنوا به لأنهم أهل توحيد ـ في الأصل ـ يجانبون الاصنام ، ويعادون أهلها ، ولأن النبي مذكور في توراتهم ، ذلك لأن بني إسرائيل كانوا قد وعدوا في توراتهم ـ كما جاء في سفري التثنية وأشعياء (١) ـ بنبي يقوم من بين إخوتهم ـ وهم العرب الاسماعيلية ، فلما مجدوا ذلك كله كانوا عنده بمثابة غيرهم فقط.
ومنها (تاسعا) أننا لا نعرف شعبا آخر له ما للعرب من شغف بالأنساب ، حيث يحرصون على الاحتفاظ في ذاكرتهم بسلسلة أجدادهم ، حتى يصلوا بها إلى الجيل العشرين (٢) ، فهل من المحتمل أن يبقى هذا الشعب في جهالة تامة بأصله حتى آخر لحظة (٣) ، ومنها (عاشرا) أن وجود الكعبة بينهم ـ وفيها بعض الأماكن المعروفة تحمل اسم إبراهيم واسماعيل ـ ألا يذكرهم ذلك كله بعلاقتهم بهذه الأسماء المجيدة (٤) ، ومنها (حادي عشر) سكوت كفار قريش ـ وهم أعلم الناس بأنسابهم ـ عن قوله تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ» (٥) ، فلو لم يكن العرب يعلمون قبل محمد أنهم من سلالة إبراهيم ـ عن طريق ولده إسماعيل ـ لما سكتوا لمحمد ، وفيهم أشد أعدائه ، وأكثر الناس حرصا على تكذيب دعواه.
ومنها (ثاني عشر) ذكره «زيد بن عمرو بن نفيل» ـ وهو قبل
__________________
(١) سفر التثنية ١٨ : ١٥ ـ ١٩ ، سفر أشعياء ٤٢ : ١٠ ـ ١٣
(٢) ما زلنا نحتفظ بهذه العادة في قرانا بصعيد مصر ، حيث يعلم الآباء الأبناء سلسلة نسبهم حتى الجد الأعلى الذي يتشرفون بالانتساب إليه
(٣) عبد الرحمن الانصاري : المرجع السابق ص ٩١ ، محمد عبد الله دراز : مدخل إلى القرآن الكريم ص ١٥٧.
(٤) نفس المرجع السابق من ١٥٧
(٥) سورة الحج : آية ٧٨