إسحاق ، لأن إسحاق أبوهم (١).
وهناك ما جاء في إنجيل برنابا على لسان المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ «الحق أقول لكم ، أنكم إذا أمعنتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون خبث كتبنا وفقهائنا ، لأن الملاك قال يا إبراهيم : سيعلم العالم كله كيف يحبك الله ، ولكن كيف يعلم العالم محبتك لله؟ حقا يجب عليك أن تفعل شيئا لأجل محبة الله ، فأجاب إبراهيم ها هو ذا عبد الله مستعد أن يفعل كل ما يريد الله ، فكلم الله حينئذ إبراهيم قائلا : خذ ابنك بكرك وأصعد الجبل لتقدمه ذبيحة» ، فكيف يكون إسحاق البكر ، وهو لما ولد كان إسماعيل ابن سبع سنين (٢).
ثم أليس في شعائر الحج عند المسلمين كثيرا من الأدلة على أن الحادث إنما كان في مكة ـ وليس في فلسطين ـ وأنه مع إسماعيل ـ وليس مع إسحاق ـ وأن المسلمين ، بعكس اليهود ، كانوا ـ وما يزالون وسوف يظلمون أبد الدهر ـ يحيون ذكرى الفداء الفذ هذا في كل عام ، عند حجهم إلى بيت الله الحرام ، في الأضحية يوم النحر ، وفي السعي بين الصفا والمروة ، وفي رمي الجمار ، وكل تلك أمور لا توجد عند يهود ، فإذا ما تذكرنا أن إسماعيل وأمه ـ وليس إسحاق وأمه ـ هما اللذان كانا بمكة ، وأن إسماعيل ، وليس إسحاق ، هو الذي شارك أباه الخليل في بناء البيت الحرام ، وأن النحر في منى ـ وليس في فلسطين ـ في يوم عيد الأضحى
__________________
(١) ابن كثير : قصص الأنبياء ١ / ٢١٥ ـ ٢١٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، تفسير القرآن العظيم ٧ / ٢٨ ـ ٣٠ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٣٨ ، ابن الأثير ١ / ١١٠ ـ ١١١ ، تفسير الطبري ٢٣ / ٨٤ ـ ٨٥ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٢٩٧ ، تفسير القرطبي ١٥ / ١٠١ ، روح المعاني ٢٣ / ١٣٣ ـ ١٣٥
(٢) محمد حسني عبد الحميد : أبو الأنبياء إبراهيم الخليل ص ٨٦ ، علي عبد الواحد وافي : الأسفار المقدسة ص ٨٧ ـ ٨٨ ، مع ملاحظة مخالفة هذا النص لنصي التوراة (تكوين ١٦ : ١٦ ، ١٧ : ٣)