بنحو من سبعمائة عام (١) ، كما يروي الأخباريون (٢) ، ألمجرد أن الحبرين اليهوديين أخبراه أن يثرب سوف تكون مهاجر نبي يخرج من قريش ، لا أظن أن ذلك سببا كافيا لإيمانه بنبي كان حتى تلك اللحظة في ضمير الغيب.
ومن ثم فأكبر الظن أن هناك ـ بجانب أثر الاسرائيليات في هذه الروايات ـ هدفا من ورائها ، وأن هذا الهدف ، إنما هو رفع شأن القحطانيين إبان النزاع السياسي بينهم وبين العدنانيين ، ومن ثم فإن هذه الروايات جد حريصة على أن تقدم لنا «تبعا» وقومه ، في صورة أفضل بكثير من صورة العدنانيين بصفة عامة ـ والقرشيين بصفة خاصة ـ فهم ، أي القحطانيين ، أول من قال الشعر في مدح المصطفى (صلىاللهعليهوسلم) ، فعل ذلك سبأ (٣) ، ويفعله الآن «تبع» كما تقدمه لنا هذه الروايات ، بل إن «تبع» ليزيد هنا عقده العزم ، على أن يكون حربا على من حاربه ، وسلما لمن سالمه ، فضلا عن أن يصبح له وزيرا وابن عم ، و(ثانيا) أن القحطانيين كانوا على علم باسم المصطفى ، (صلىاللهعليهوسلم) أما كيف كان ذلك ، فليس لدى الإخباريين من أصحاب هذه الروايات علم بذلك ، فإن الهدف إنما كان أن القحطانيين ، إنما كانوا يعرفون اسم النبي الأعظم قبل مولده بسبعة
__________________
(١) اختلف العلماء في فترة حكم «أبي كرب أسعد» فيراها نلسن في الفترة (٤٠٠ ـ ٤١٥ أو ٤٢٠ م) J.B.Philby ,op - cit ,p.p.٦١١ وكذاD.Nielen op - cit ,p.٤٠١ (ويراه هومل في الفترة ٣٨٥ ـ ٤٢٠ م [فريتز هومل : التاريخ العربي القديم ص ١٠٨] ويراه فلبي في الفترة ٣٧٨ ـ ٤١٥ م [J. B. Philby, Note on the Lst Kings of Saba, p. ٩٦٢ (([، ويذهب الدكتور جواد علي أن الرجل استمر يحكم حتى عام ٤٣٠ م [جواد علي ٢ / ٥٧١ وكذاLe MUSEON ,٤٦٩١ ,٣ ـ ٤ ,P.٢٩٤] وهذا يعني أن الفترة بين موت أبي كرب أسعد ومولد الرسول (صلىاللهعليهوسلم) لا تصل حتى إلى قرنين من الزمان ، وليست سبعة قرون
(٢) تفسير ابن كثير ٤ / ١٤٤
(٣) ابن كثير ٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩