قرون ، بينما لم يكن العدنانيون ، على علم بذلك حتى قبيل مبعث المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ و(ثالثا) تقديم القحطانيين في صورة قوم مؤمنين ، كسوا البيت الحرام ، وعمروه أكثر من مرة ، ثم قدّروا مكانته قبل ظهور الإسلام بقرون ـ حتى إن كان اليهود هداتهم إلى ذلك.
وأخيرا ، فإن هذا الإلحاح على أن التبابعة كانوا يؤمنون بإله واحد ، وبرسالة محمد (صلىاللهعليهوسلم) ثم الإلحاح لذلك على عدم جواز سبهم ، إنما قد يدل على أن هناك من كان يسب التبابعة ويلعنهم ، ولعل هذا السبب ، وذلك اللعن ، لم يكن موجها بالذات إلى التبابعة ، وإنما كان على اليمنيين بخاصة ، والقحطانيين بعامة ، ومن هنا كان هذا الإلحاح على عدم السب ، بل ربما وضعت أحاديث للرد على هذه الحملة ـ ربما العدنانية ـ ضد القحطانيين (١).
وأما المحاولة الثانية ، فهي التي قام بها «حسان بن عبد كلال» ، وذلك حين أقبل من اليمن ، «في حمير وقبائل من اليمن عظيمة ، يريد أن ينقل أحجار الكعبة من مكة إلى اليمن ، ليجعل حج البيت عنده في بلاده» ، وهناك عند «نخلة» خرج له القرشيون ـ بقيادة فهر بن مالك ، ودارت بين الفريقين معركة ضارية ، كان النصر فيها من نصيب قريش ، والهزيمة ـ بل والأسر كذلك في مكة ثلاث سنوات ـ من نصيب حسان بن عبد كلال (٢) ، فإذا كان ذلك كذلك ، فإن حملة أبرهة المشهور على مكة ، كانت لها على الأقل سابقة يمنية من قبل ، ثم إذا ما تذكرنا أن هناك من يرى أن عبد كلال ، إنما قد اغتصب عرشه بعون من اكسوم (٣) ، فهل هذا يعني أن
__________________
(١) جواد علي ٢ / ٥١٥ ـ ٥١٦
(٢) الهمداني : الإكليل ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ، الطبري ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣
(٣) يرى «فلبي» أن الرجل كان كاهنا وشيخا لقبيلة ، وأنه استطاع أن يغتصب العرش لمدة خمس سنين ، بمساعدة الأحباش. [أنظر : J.B.Philby Arabian ,Highlands ,P.٠٦٢ وقارن : J.B.Philby ,The Background of Islam ,P.٣٤١