فقال : هذا والله ذاك الرجل (١)
وهكذا يبلغ الخيال ببعض المؤرخين حدا لا نجد له مثيلا إلا في الأساطير ، وإلا في التوراة حين تتحدث عن عجائب «يهوه» لشعبه المختار ، ولست أدري من أين جاءوا بكل هذا ، ثم من أين جاء «كعب الأحبار» بأساطيره هذه ، والقصة ـ كما قلنا ـ قرآنية صرفة ، وليس في التوراة ـ على فرض أنه خبير بما في التوراة ـ أية إشارة من قريب أو بعيد عن هذه القصة ، ولعل الذي دفع المؤرخين الإسلاميين إلى هذا الغلو في الوصف ، أن القوم بعد الفتوحات الإسلامية المجيدة ، رأوا آثار الفراعين على أرض الكنانة ، والأشوريين ثم البابليين في بلاد الرافدين فضلا عن آثار الرومان في الشام ، ومن ثم فقد أنفوا أن تكون مدينة عاد أقل من هذه الآثار ، إن لم تفقها إلى أقصى الحدود ، فكان الخيال ، وكان السخف الذي ينزل بكتاباتهم من مستوى حقائق التاريخ ، إلى مبالغات الأساطير.
وعلى أي حال ، فلقد اختلفوا في مكان مدينة «إرم» هذه ، فذهب بعضهم إلى أنها «تيه أبين» بين عدن وحضرموت ، وذهب فريق ثان إلى
__________________
(١) جرجي زيدان : العرب قبل الاسلام ص ٦٤ ـ ٦٦ ، محمد مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٤ ـ ٣٥ ، مروج الذهب ٢ / ١٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ـ ٢١ ، ياقوت : معجم البلدان ١ / ١٥٥ ـ ١٥٧ (طبعة بيروت ١٩٥٥) ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٧ ، محمود أبو رية : أضواء على السنة المحمدية ص ١٥٨ ـ ١٥٩ ، دائرة المعارف الإسلامية ٣ / ١٦ قارن : ابن كثير ١ / ١٢٥