أنها «دمشق» (١) ، وزعم فريق ثالث أنها الاسكندرية (٢)] ، وهكذا وجد الأخباريون في دمشق وفي الاسكندرية كل ما تخيلوه عن «إرم ذات العماد» وبخاصة المباني الضخمة والمنشآت العظيمة ذات العمد ، فضلا عن تاريخ تليد مجيد ، للعاصمتين العظيمتين ، ومع ذلك فقد كان لكل من اختيار المدينتين الكبيرتين ، سبب يختلف عن اختيار الأخرى.
كانت دمشق من أهم مراكز الآراميين (٣) ، ثم عاصمة لهم منذ القرن
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، ياقوت ١ / ١٥٥ ، ٢ / ٤٦٤ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ، الفخر الرازي : التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ، البكري ١ / ١٤٠ ، ٢ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، تفسير الألوسي ٣٠ / ١٢٣ ، الهمداني : المرجع السابق ص ٨٠ ، الإكليل ٨ / ٣٣
(٢) مروج الذهب ٢ / ٤١٠ ، البكري ٢ / ٤٠٩ ، ياقوت ١ / ١٥٥ ، ١٨٣ ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ ، تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٦ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ، التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ، الهمداني : صفة جزيرة العرب ص ٨٠ ، ابن عبد الحكم : فتوح مصر والمغرب ص ٦٠ ، السيوطي : حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ١ / ٣٧ ، وكذا H. W. Glidden, Koranic Iram, Legendary and Historical
(٣) يمثل الآراميون الموجة الثالثة من موجات الهجرات السامية من شبه الجزيرة العربية ـ بعد موجة الآراميين والكنعانيين ـ وكانوا في بادئ الأمر يجوبون أنحاء وادي الجزيرة من ناحية الشمال ، ويتحركون إلى الشرق من ناحية العراق ، وإلى الغرب من ناحية سورية ، حتى بدءوا يستقرون في العراق الأوسط ، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن الآراميين يرجعون إلى أزمنة موغلة في القدم ، إذ يذكر نقش من عهد الملك البابلي «نرام سن» ، ويرجع إلى القرن ٢٣ ق. م .. إقليما يدعى «أرام» يقع في أعالي بلاد الرافدين ، ثم على لوحة تجارية ترجع إلى عام ٢٠٠٠ ق. م. ، والتي تشير إلى مدينة أو دولة «أرام» بالقرب من «اشنونا» (تل الأحمر الحالية) في وادي الدجلة الأسفل ، ثم يتكرر اسم «أرام» في عام ١٧٠٠ ق. م. في نصوص ماري ، وكذا حوالي عام ١٤٠٠ ق. م. في نصوص أوجاريت. ويستدل من نصوص بلاد النهرين على أن جماعات آرامية قد اجتاحت قسما كبيرا من هذه البلاد وشمال سورية ووسطها في القرنين ١٤ ، ١٣ ق. م. ، وقد سادت العناصر الآرامية فيها باستثناء بعض الجيوب القليلة التي كان يسطر عليها الحيثيون ، ثم بلغ الآراميون ذروة سلطانهم السياسي في القرنين ١١ ، ١٠ ق. م. ، بسبب ضعف الإمبراطوريات الكبرى (مصر والعراق) في تلك الفترة ، فغزت قبائلهم الجزء الشمالي من أرض الرافدين ، وأسست هناك سلسلة من الدويلات ، مثل