حلفا مع «بالاق بن صفور» ملك مؤاب (١) ضد بني إسرائيل ، ونقرأ في سفر العدد أن الرب قد أمر موسى أن «انتقم نقمة لبني إسرائيل من المديانيين ، ثم تضم إلى قومك» ، وتستمر رواية التوراة بعد ذلك ، فتذهب إلى أن موسى قد أرسل جنده إلى مديان ، فقتلوا ذكورها ، وسبوا نساءها وأطفالها ، ونهبوا جميع مواشيها ، وحرقوا مدنها ، وهدموا حصونها ، ثم عادوا «وقد أخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم» ، فيخرج إليهم موسى ثائرا مهددا وكلاء الجيش الذين أبقوا على النساء قائلا : «اقتلوا كل ذكر من الأطفال ، وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها ، لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن حيات» (٢).
ونص التوراة هذا غريب ، ما في ذلك من ريب ، فكاتب النص يأبى إلا أن يصوّر موسى حريصا على قتل رجال مديان فضلا عن السبايا من نسائهم ، والذين لم يبلغوا الحلم من ذكورهم ، ولعل من العجيب أن يكون ذلك مع قبيلة آوته وأكرمته وصاهرته ، ثم عاد منها كريما لينقذ بني إسرائيل من سخط فرعون وعذابه المهين ، وليس من شك في أن الكليم ، ، عليهالسلام ، براء من ذلك كله ، وليس من شك كذلك في أن الخيال
__________________
(١) ينسب المؤابيون الى مؤاب بن لوط (تكوين ١٩ : ٣٧) وهم من الشعوب التي تتصل بالعبرانيين بصلة من قرابة عن طريق لوط ابن أخي إبراهيم ، كما ان جدة داود موآبية (راعوث ١ : ٤) ، ويقع اقليم المؤاب شمال وادي الحسا (وادي زارد في التوراة) ، وقد امتدت مملكتهم من ناحية الشرق من البحر الميت حتى الصحراء ، واتسمت شمالا حتى وادي الموجب (نهر أرنون في سفر العدد ٢١ : ١٣) وكانت مؤاب مثل أدوم حصينة قوية ذات مواقع استراتيجية على الحدود وفي الداخل ، ولهذا اضطر الإسرائيليون أثناء التيه أن يكفوا عن الاستمرار في السير «في البرية التي قبالة مؤاب» حتى وصلوا الى الجانب الآخر من أرنون ، أما عربان مؤاب فهي وادي الأردن بين مصب يبوق والبحر الميت
(٢) عدد ٣١ : ١ ـ ١٨