فترة قريبة جدا من الإسلام لسيل العرم ، ولو كان الأمر كذلك لاستطاع المؤرخون الإسلاميون تحديده على وجه اليقين ، بل لاستطاع شعراء العرب تحديده كذلك ، ومنها (ثانيا) أنه يرجع بالهجرات العربية التي خرجت من اليمن بعد تهدم السد إلى فترة متأخرة ، لا تتفق وتاريخ قيام دولتي المناذرة والغساسنة ـ وأصحابها من هذه الهجرات كما يرى المؤرخون الاسلاميون ـ كما أن وجود الأوس والخزرج في يثرب إنما يرجع بالتأكيد إلى ما قبل هذه الفترة ، ومنها (ثالثا) أن الفترة ما بين استيلاء أبرهة على اليمن وظهور الإسلام ، ليست من الفترات الغامضة في تاريخ اليمن ، ثم هي فترة قصيرة على أية حال ، ومنها (رابعا) أن عام ٥٧٥ م ، هو العام الذي يرى فيه المؤرخون نهاية الحكم الحبشي وبداية حكم «سيف بن ذي يزن» ، فضلا عن النفوذ الفارسي في أول الأمر ، ثم السيطرة الفارسية بعد ذلك ، وتاريخ اليمن في هذه الفترة لا يتحدث عن تصدع سد مأرب ، بل ليست هناك أية إشارة في هذا التاريخ عن السد ، أو عن هجرة قبائل يمنية من مواطنها الأصلية إلى الشمال ، كما نعرف من أحداث تهدم السد.
وأما الروايات العربية ، فإن بعضها يشير إلى أن الحدث الخطير إنما كان قبل الإسلام بقرون أربعة (أي في القرن الثالث الميلادي) ، ويشير بعضها الآخر إلى أن ذلك إنما كان على أيام ملك حبشان ، ولعل صاحب هذه الإتجاه يعني بذلك الأحباش لأنهم خربوا كثيرا من قصور اليمن وأبنيتها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فما ذا يعني «ياقوت» بأيامهم هذه ، هل يعني فترة تدخلهم في شئون العربية الجنوبية قبل الاحتلال الحبشي في عام ٥٢٥ م ، أم يعني فترة الاحتلال نفسه؟ وعلى أي حال ، فإن «ابن خلدون» إنما يذهب إلى أن ذلك إنما كان على أيام «حسان بن تبان