اليمن (١) ، فكل تلك أمور ليس مجال مناقشتها هنا ، لأن الذي يهمنا الآن أن الفرقة الداخلية التي ترجع في الدرجة الأولى إلى التنافس بين اليهودية والمسيحية في اليمن العربية ، إنما بدأت تدفع بالبلاد إلى طريق الاضمحلال والتفكك أول الأمر (٢) ، ثم إلى وقوعها تحت السيادة الحبشية ثم الفارسية في آخر الأمر.
على أن ظروف بلاد اليمن الداخلية ، إنما لعبت دورا خطيرا في التمهيد للفتح الأثيوبي للبلاد ، ذلك لأننا نقرأ في نقش (فلبي ٢٢٨) عن حرب داخلية استعر أوارها قبيل الغزو الحبشي لليمن ، وربما في عام ٥١٦ م ، وعلى أيام الملك «معد يكرب يعفر» ، واشتركت فيها قبائل سبأ وحمير ورحبة وكندة ومضر وثعلبة (٣) ، ومن ثم فقد مهدت هذه الفتنة الطريق للأحباش ليحتلوا اليمن في سهولة ، وذلك بسبب الخصومات القبلية القديمة بين القبائل العربية ، وبسبب ظهور الروح القبلية التي لا تعرف طريقا للتعاون القومي ، إلا إذا كان من أجل القبيلة وفي مصلحتها ، دونما أي اهتمام بما يجره ذلك على الكيان القومي من نكبات قد تؤدي باستقلال البلاد وخضوعها للأجنبي.
ونقرأ في نصي (ريكمانز ٥٠٧ ، ٥٠٨) (٤) ، ويرجعان إلى عام ٥١٨ م ، عن إشارات عن حرب دارت رحاها بين الأحباش وملك حميري دعوه «يسف أسأر» (يوسف أسأر) ، ولعل عدم الإشارة هنا إلى اللقب الملكي الطويل ، ربما يعني أن سلطان ذلك الملك (ذي نواس) لم يكن
__________________
(١) اسرائيل ولفنسون : المرجع السابق ص ٣٦
(٢) موسكاتي : المرجع السابق ص ١٩٣
(٣) جواد علي ٢ / ٥٩١ وكذاG.J.Vol ,CXVI ,٤ ـ ٦ ,٠٥٩١ ,P.٤١٢
(٤) أنظر : جواد علي ٢ / ٥٩٥ ـ ٥٩٦ ، وكذاLe Museon ,٣٥٩١ ,٣ ـ ٤ ,P.٤٨٢ F وكذاBSOAS ,Vol ,XVI ,Part : ٣ ,٤٥٩١ ,P.٤٣٤ وكذاRyckmans ,٧٠٥ ,٨٠٥