يمتد إلى كل بلاد العرب الجنوبية ، وانما كان مقصورا على أجزاء منها ، وأن الأحباش إنما كانوا يشاركونه هذا السلطان ، فـ «ظفار» ومجاوراتها إنما كانت في أيدي الأحباش ، كما كان الأقيال قد كونوا حكومات إقطاعية في إماراتهم ، بل وكانوا يثيرون الفتن والقلاقل في أنحاء البلاد ، وقد أشرنا من قبل إلى حرب أهلية استعر أوارها حوالي عام ٥١٦ م ، واشتركت مجموعة من القبائل ، وهكذا كانت تلك الظروف الداخلية سببا في ضعف البلاد وجعلها آخر الأمر لقمة سائغة في أيدي المستعمرين الأحباش (١).
هذا ويشير نص (ريكمانز ٥٠٨) إلى حرب وقعت بين الملك يوسف أسأر من ناحية ، وبين الأحباش ، ومن كان يؤيدهم من اقيال اليمن ، من ناحية أخرى ، وأن الملك الحميري قد هاجم «ظفار» و «مخا» ، واستولى على كنائسهما ، وإن كان أشد القتال ، إنما كان بينه وبين قبيلة الأشاعر ، حيث قتل منهم ثلاثة عشر ألف قتيل ، وأسر تسعة آلاف وخمسمائة أسير ، كما استولى على ٢٨٠ ألف رأس من الابل والبقر والغنم ، ثم اتجه بعد ذلك إلى «نجران» حيث أنزل بالأحباش ، ومن سار في ركابهم ، خسائر فادحة (٢).
ولعل كل هذا يشير إلى عدة أمور ، منها (أولا) أن الوضع في اليمن في تلك الفترة الحرجة من تاريخ البلاد ، إنما كان جد قلق ، ومنها (ثانيا) أن الأحباش إنما كانوا يسيطرون على جزء غير قليل من البلاد ، وأنهم اتخذوا من العاصمة الحميرية (ظفار) مقرا لهم ، ومنها (ثالثا) أن هناك كثيرا من أمراء اليمن ، إنما كانوا أعوانا للمستعمر الجديد ، يساعدونه في
__________________
(١) جواد علي ٢ / ٥٩٥
(٢) BSOAS ,XVI ,Part ,٣ ,٤٥٩١ ,P ٤٣٤ وكذاle Museon ,٣٥٩١ ,٣ ـ ٤ ,P.٦٩٢