القضاء على السلطة الوطنية في البلاد ، ويحاربون برجالهم ضد الملك الشرعي للبلاد ، ومن كان إلى جانبه من أبناء الوطن الاحرار ، وكانت النتيجة أن استولى الأحباش على اليمن ، وجعلوها مستعمرة حبشية ، يتحكمون فيها ويستغلون مواردها الاقتصادية لمصلحة بلادهم ، وبدهي أن الخونة من أمراء اليمن لم ينالوا من ساداتهم الجدد ، إلا الفتات ، وإلا العار يسجله التاريخ عليهم أبد الدهر ، شأن الخونة في كل مكان وفي كل زمان.
هذا ويقدم المؤرخون عدة أسباب لغزو الحبشة لليمن ، منها (أولا) الرغبة في السيطرة على اليمن ، وذلك لضمان توزيع السلع الحبشية ، دون أن تتعرض لاعتداءات الحميريين (١) ، ومنها (ثانيا) ما يذهب إليه البعض من أن عداوة الحبشة للعرب قديمة العهد ، نشأت منذ أن كان عرب اليمن يخطفون الأحباش من سواحل الحبشة ، ويبيعونهم أرقاء في شبه جزيرة العرب ، حيث وجد الحبش في الحجاز (٢) ، ومنها (ثالثا) أن بلاد العرب الجنوبية كانت تقوم في ذلك الوقت بنفس الدور الذي تقوم به مصر الآن ، حيث أصبحت منذ شق قناة السويس تهيمن على شريان من أهم شرايين الملاحة الدولية ، والأمر كذلك بالنسبة إلى بلاد العرب الجنوبية ، نظرا لمركزها الهام على البحر الأحمر والمحيط الهندي ، وحيث يوجد مضيق باب المندب ، وفي تلك الأيام كانت الامبراطورية الرومانية الشرقية حريصة على انتزاع تلك المكانة وإعطائها لمصر ، ومختلف الولايات الرومانية الشرقية الأخرى التي تستطيع الإفادة من مركزها
__________________
(١) مراد كامل : مقدمة لكتاب سيرة الحبشة ، القاهرة ١٩٥٨ ص ٦١ ، عبد العزيز سالم : المرجع السابق ص ١٨٢
(٢) يوسف احمد : الإسلام في الحبشة ، القاهرة ١٩٣٥ ص ٦ ـ ٧ ، عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٧٤