(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ، إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ، وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ» (١) ، (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ» (٢) وأخيرا ، وليس آخرا (٣) ، (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» (٤).
وأما أعظم ملوك إسرائيل ، سليمان الحكيم ، فليس في نظر التوراة ، إلا ذلك الحاكم الذي يرتكب أبشع الجرائم في سبيل توطيد سلطانه ، فيقتل أخاه الأكبر «أدونيا» (٥) صاحب الحق الشرعي في العرش ـ ثم يقتل «يوآب» قائد جيش أبيه (٦) ، ثم هو ـ في نظر التوراة كذلك ـ ذلك الرجل الغارق في ملذاته ، والذي يجمع في بلاطه ألفا من النساء بين الزوجات والحظيات ، ومن كل بلد ولون (٧) ، ويبدو أن كاتب سفر الملوك (٨) لم يرضه كل ما الصقه من تهم بسليمان ، فإذا به يحول النبي الكريم إلى كافر ، ويجعل الرسول الجليل ـ وحاشاه أن يكون كذلك ـ مشركا ، فإذا بغضب الرب يحل به ، واذا باللعنة تنزل عليه ،
__________________
(١) سورة ص : آية ١٧ ـ ٢٠
(٢) سورة ص : آية ٢٥
(٣) ذكر القرآن الكريم داود عليهالسلام في عدة آيات من سورة ، منها البقرة (٢٥١) والمائدة (٧٨) والانعام (٨٤) والاسراء (٥٥) والانبياء (٧٨ ـ ٨٠) والنمل (١٥ ـ ١٦) وسبأ (١٠ ـ ١١) وص (١٧ ـ ٢٦)
(٤) سورة ص : آية ٣٠)
(٥) التوراة : ملوك أول ٢ : ١٣ ـ ٢٥
(٦) ملوك أول ٢ : ٢٨ ـ ٣٥
(٧) ملوك أول ١١ : ١ ـ ٣
(٨) التوراة : سفر الملوك الأول ١١ : ٤ ـ ١١ ، ثم قارن الآية الكريمة (١٠٢) من سورة البقرة ، وانظر : تفسير الطبري ٢ / ٤٠٥ ـ ٤٥٧ (دار المعارف) ، تفسير الكشاف ١ / ١٧١ ـ ١٧٣ (دار الكاتب العربي ـ بيروت).