والنقمة تحل بنسله من بعده وينفذ رب اسرائيل وعيده ، فيفتقد ذنوب الآباء في الأبناء ، ويمزق مملكته من بعده ليفوز عبده يربعام منها بنصيب الأسد ، ولم ينس كاتب التوراة أن يذكر لنا أن تأجيل انحلال المملكة ، ليس من أجل سليمان ، فقد عصي ربه واستحق وعيده ، وإنما من أجل داود عبده ، ومن أجل أورشليم مدينته التي اختارها (١).
وأما سليمان في القرآن الكريم (٢) ، فهو الملك النبي ، أعطاه الله العلم بلغة الحيوان ، وسخر له الطير ، وسخر له الجن ، وأوتي علم لغة النمل والطير ، يقول سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ، وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ، وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ، وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ، حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ ، قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ، فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها ، وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) (٣) ويقول (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ، نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٤) وقد دعا سليمان ربه ، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ، فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ ، وَالشَّياطِينَ
__________________
(١) ملوك أول ١١ : ١ ـ ١٣ ، قارن أخبار أول ٢٢ : ٦ ـ ١٩ حيث التعارض الصارخ بين نصوص التوراة.
(٢) ذكر القرآن الكريم سليمان عليهالسلام في سورة البقرة (١٠٢) والنساء (١٦٣) والانعام (٨٤) والانبياء (٧٨ ـ ٨٢) والنمل (١٥ ـ ٤٤) وسبأ (١٢ ـ ١٤) وص (٣٠ ـ ٤٠).
(٣) سورة النمل : آية ١٥ ـ ١٩ ، وانظر تفسير الطبري ١٩ / ١٤٠ ـ ١٤٣ ، تفسير البيضاوي ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣
(٤) سورة ص : آية ٣٠