ولعل من المفيد أن نشير هنا إلى أن الآية الكريمة (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً» قد تفيد أن الرجل كان عقيما ، لم يكن له ولد ، وما كان يرجو أن يكون له ، ولكنها لن تفيد أنه كان خصيا (١).
ومنها (خامسا) ما تردده التوراة من أن يوسف إنما كان يتهم إخوته بأنهم «جواسيس جاءوا ليروا عورة الأرض ،» فضلا عن أن يوسف إنما كان يكرر القسم بحياة فرعون (٢) ، الأمر الذي لا يتفق ومكانه النبوة بحال من الأحوال.
بقيت نقطة أخيرة تتصل بذلك الاضطراب الواضح في قصة التوراة ، ففي سفر التكوين (٣٧ : ٢٦ ـ ٢٨) نجد أن يهوذا هو صاحب الكلمة ، وقد اقترح على إخوته أن يبيعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين مثقالا ، في حين نرى في نفس السفر (٣٧ : ٢١ ـ ٢٤) أن راوئين هو صاحب الصوت الأعلى ، يقترح القاءه في الجب فيوافق الجميع ، حيث يأخذه التجار المديانيون ، كما في (تكوين ٣٧ : ٢٨) والأمر كذلك بالنسبة إلى بيعه إلى فوطيفار ، ففي أول القصة عن قوم من مدين (٣) ، بينما هم في آخرها من الإسماعيليين (٤).
وبعد : فهذه نظرة سريعة إلى الفروق بين قصص القرآن وروايات التوراة ، فإذا ما تذكرنا أن القرآن الكريم ـ كما هو معروف ـ جاء به محمد النبي الأمي ، الذي لا يكتب ولا يقرأ ، كما قال تعالى (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ
__________________
(١) تفسير المنار ١٢ / ٢٧٢ ، تفسير البيضاوي ١ / ٤٩١ ، روح المعاني ١٢ / ٢٠٧ ، تفسير القرطبي ٩ / ١٦٠
(٢) تكوين ٤٢ : ٩ ـ ١٦
(٣) تكوين ٣٧ : ٣٦
(٤) تكوين ٣٩ : ١