الفهمي قال : كنا برودس (١) وأميرنا (٢) جنادة بن أبي أمية الأزدي فكتب إلينا معاوية بن أبي سفيان : إنّه الشتاء ثم الشتاء ، فتأهبوا له. فقال له تبيع ابن امرأة كعب الأحبار : تقفلون إلى كذا وكذا ، فقال الناس : وكيف نقفل وهذا كتاب معاوية إنّه الشتاء ثم الشتاء؟ فأتاه بعض أهل خاصته من الجيش فقال : ما يسميك الناس إلّا الكذاب لما تذكر لهم من الفعل الذي لا يرجونه. فقال تبيع : فإنهم يأتيهم إذنهم في يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا. وآية ذلك أن يأتي ريح فتقلع هذه التينة (٣) التي في مسجدهم هذا ، وانتشر قوله فيهم ، فأصبحوا ذلك اليوم في مسجدهم ينتظرون ذلك ، وكان يوما لا ريح فيه فانتظروا حتى احتاجوا إلى المقيل والغداء ، وملّوا فانصرفوا إلى مساكنهم أو إلى مراكبهم ، حتى إذا انتصف النهار وقد بقي في المسجد بقايا من الناس فأقبلت ريح عصار فأحاطت بالتينة (٤) فقلعتها وتصايح الناس في منازلهم ، خرجت التينة (٥) فأقبلوا من كل مكان حتى اجتمعوا على الساحل فرأوا شيئا لاصقا (٦) يتحول في الماء حتى تبين لهم أنه قارب فأتاهم بموت معاوية وبيعة يزيد ابنه ، وآذنهم بالقفل ، فتركوا (٧) تبيعا وأثنوا عليه خيرا ثم قالوا : وأخرى بقيت قد دخل الشتاء ، ونحن نخاف أن تتكسر مراكبنا فقال لهم تبيع : لا ينكسر لكم عود [يضركم] (٨) ، ولا ينقطع لكم حبل يضركم حتى تردوا بلادكم ، فساروا فسلّمهم الله عزوجل.
أخبرنا أبو محمد حمزة بن العباس العلوي ، وأبو الفضل أحمد بن [محمّد بن] الحسن بن سليم ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق ، حدّثنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثنا محمد بن موسى بن النعمان ، حدّثنا زيد بن عبد الرّحمن بن أبي الغمر ، حدّثنا أبي ، حدّثنا ابن وهب ، حدّثني موسى بن أيوب الغافقي عن سليط بن سعد في نسخة : شعبة الشعباني عن أبيه أنه كان مع تبيع بالاسكندرية مقفله من رودس ، فقال : يا معشر العرب إذا
__________________
(١) رودس : جزيرة مقابل الاسكندرية على ليلة منها في البحر وهي أول بلاد الفرنجة (معجم البلدان).
(٢) بالأصل : «وأخبرنا» والمثبت عن م وانظر المعرفة والتاريخ.
(٣) في الأصل : «التنية» والمثبت عن المعرفة والتاريخ وم ، وفي مختصر ابن منظور ٥ / ٣٠٢ الثنية.
(٤) بالأصل «بالثنية» والمثبت عن المعرفة والتاريخ.
(٥) في المعرفة والتاريخ : خرّت التينة خرّت التينة.
(٦) في المعرفة والتاريخ : لائحا يتجول.
(٧) في المعرفة والتاريخ : «فشكروا» وفي المختصر : فزكّوا.
(٨) الزيادة عن م وانظر المعرفة والتاريخ ، وفي المختصر : «نصركم» في الموضعين.