جعفر المنصور بعد انهزام عبد الله بن علي وظفر المنصور به ـ وحبسه إيّاه ببغداد ـ وقد أهل الشام فيهم الحارث بن عبد الرحمن فتكلموا ثم قام الحارث فقال : أصلح الله تعالى أمير المؤمنين إنّا لسنا وفد مباهاة ولكنا وفد توبة ، وقد ابتلينا بفتنة استفزت كريمنا ، واستخفت حليمنا فنحن بما قدمنا معترفون وبما سلف منا معتذرون ، فإن تعاقبنا فبما اجترمنا (١) ، وإن تعف عنا فبفضلك علينا ، فاصفح عنا إذ (٢) ملكت ، وامنن إذ قدرت ، وأحسن إذ (٣) ظفرت ، فطال ما أحسنت. قال أبو جعفر : قد فعلت قد فعلت قد فعلت ثلاثا (٤).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدثني يعقوب قال : وغزا (٥) الصائفة يعني سنة خمس وثلاثين ومائة الحارث بن عبد الرحمن الجرشي ، انتهى.
وذكر الواقدي : أن المهدي استعمل ثمامة بن الوليد القيسي على الصّائفة سنة إحدى وستين يعني ومائة ، فظفرت الروم فيها من المسلمين بما لم تظفر بمثله قبلها ولا بعدها (٦) فقال رجل من سلخ يكنى أبا الخرقاء في ثمامة :
أثمام لم تسمع صريخ جماعة |
|
صرخوا بدعوة مجرّح ملهوف |
ينحال يأسرهم وأنت بمسمع |
|
منهم بدابق (٧) في ألوف ألوف |
حيران تضرب صدريك مهانة |
|
وحماقة كالضّارط المنزوف |
فدع المعالي لست (٨) من أخلاسها |
|
للحارث الجرشي أو معيوف |
__________________
(١) الطبري : أجرمنا.
(٢) بالأصل «إذ» في الموضعين والمثبت عن الطبري.
(٣) بالأصل «إذ» في الموضعين والمثبت عن الطبري.
(٤) كذا كررت ثلاثا بالأصل ، وفي الطبري : «قد فعلت».
(٥) رسمها بالأصل «وعن» والصواب ما أثبت ، انظر المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي ١ / ١١٦ وفيه «الحرشي» بدل «الجرشي».
(٦) انظر الطبري ٨ / ١٣٦ وابن الأثير ٦ / ٥٥ حوادث سنة ١٦١.
(٧) وكان ثمامة بن الوليد قد نزل دابق بعسكره.
(٨) وكان ثمامة مغترا وقد نزل دابق ، وجاشت الروم ، وقد أتت طلائعه وعيونه تخبره بحركة الروم وتجمعاتهم ، فلم يحفل بما جاءوا به وخرج إلى الروم بسرعان الناس ، فأصيب من الناس عدة ، وتحرك ميخائيل في عمق مرعش فقتل وسبى وغنم (انظر الطبري وابن الأثير).