القسم بعد أهل بدر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ثم من قتل أبوه مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم شهيدا ، ثم الذين اتّبعوهم بإحسان ، وكان ذلك القسم أوّل فيء قدم على عمر. فلما بلغ القسم سهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام بن (١) المغيرة ولم يبلغ بها عمر في القسم ما بلغ بأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالا : يا عمر لا تؤثرن علينا أحدا ، فإنّا قد آمنا بالله ورسوله وشهدنا أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له فقال لهما عمر : إني لم أوثر عليكما من آثرت من أصحاب نبي الله صلىاللهعليهوسلم إلّا أنهم سبقوكم بالهجرة ولو كنتما من المهاجرين الأولين لم أوثر عليكما أحدا قالا : فإن كنا قد سبقنا بالهجرة فإنّا لم نسبق بالجهاد في سبيل الله عزوجل ، انتهى.
قال : ثم تكلم الحارث بن هشام بن المغيرة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم صلّى على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : يا أمير المؤمنين حق على كل مسلم النصيحة لك والاجتهاد في أداء حقك ، لما أفضى إليك من أمر هذه الأمة التي ولّيت فعليك بتقوى الله تعالى في أمرك كله سرّه وعلانيته ، والاعتصام بما تعرف من أمر الله تعالى الذي شرع لك وهداك له ، فإن كل راع مسئول عن رعيته ، وكل مؤتمن مسئول عن أمانته والحاكم أحوج إلى العدل من المحكوم عليه. فنسأل الله لنا ولك التقوى والعافية وتمام النعمة في الدنيا والآخرة ، ونستودعك الله. فقال عمر : هداك الله وأعانك وصحبك ، عليكما بتقوى الله في أمركما كله و (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (٢) فأمر عمر لكل واحد منهم بأربعة آلاف عونا على جهادهما ، فخرجا إلى الشام فلم يزالا مجاهدين ، فقتل الحارث بن هشام يوم اليرموك شهيدا ، وتوفي سهيل بن عمرو (٣) في طاعون عمواس (٤) من أرض فلسطين.
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (٥) البنّا قال : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، [أنبأنا] أحمد بن سليمان ، نبأنا الزبير بن بكار ، حدثني
__________________
(١) بالأصل «والمغيرة» والمثبت مما تقدم.
(٢) سورة النحل ، الآية : ١٢٨.
(٣) بالأصل «عمر».
(٤) ويقال فيها عمواس بكسر العين وسكون الميم ، قيل قريبة من بيت المقدس ، وقيل : هي ضيعة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس. فيها كان ابتداء الطاعون ثم فشا في أرض الشام (انظر معجم البلدان).
(٥) بالأصل : «أخبرنا أبو غالب أبو عبد الله أنبأنا البنا» والصواب ما أثبت ، وقد مرّ هذا السند كثيرا.