قال معمر : فأخبرني تميم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جبير يقول : إن تبّعا كسى البيت ، ونهى سعيد عن سبه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحسين (١) ، حدّثنا عبد الله بن عمر القواريري ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثنا عمران بن حدير (٢) ، عن أبي مجلز قال : جاء ابن عباس إلى عبد الله بن سلام فقال : إني أسألك عن ثلاث ، قال : تسألني وأنت تقرأ القرآن؟ قال : نعم ، أسألك عن تبّع ما كان ، وأسألك عن عزير ما كان ، وأسألك عن الهدهد لم تفقّده سليمان صلىاللهعليهوسلم من بين الطير؟ قال : أما تبّع فإنه كان رجلا من العرب ظهر على الناس وسبى فتية من الأحبار فاشتد عليهم أوقات (٣) دعائهم ، فأنكر الناس تبّعا قالوا : قد ترك دينكم وآلهتكم ، فما تقولون ، أو فما تأمرون؟ فقالوا : بيننا وبينهم النار التي تحرق الكاذب وينجو منها الصادق ، فعرض ذلك على أصحابه ، فرضوا بذلك ، فعمد بهم تبّع إلى النار ، فأمر الفتية أن يدخلوا فيها ، فألقوا مصاحفهم في أعناقهم ، فلما أرادوا أن يدخلوها سفعت النار وجوههم فوجدوا حرّها فنكصوا ، فقال تبّع : لتدخلنّها ، فدخلوها فانفرجت عنهم حتى مضوا ، ثم أمر قومه أن يدخلوها (٤) ، فلما أرادوا أن يدخلوها سفعت وجوههم فوجدوا حرّها فنكصوا ، فأمر بهم تبّع أن يدخلوها [فدخلوها] (٥) فانفرجت لهم حتى توسّطوها فأحاطت (٦) بهم وأحرقتهم ، فأسلم تبّع ، وكان رجلا صالحا.
وأما عزير فإنه لما ظهر بخت نصّر على بني إسرائيل خرّب بيت المقدس وشقق المصاحف ودرست السّنّة وكان عزير توحش في الجبال ، وكانت له عين يشرب منها ، فمثلت له عند العين امرأة ، فلما جاء ليشرب فبصر بالمرأة فانصاع فلما جهده العطش ، أتاها وهي تبكي ، قال : ما يبكيك؟ قالت : أبكي على ابني ، قال : كان يخلق؟ قالت : لا ، فكان يرزق؟ قالت : لا ، وذكر الحديث ، قالت : ما بالك هاهنا تركت قومك؟ قال : وأين قومي؟
__________________
(١) بعدها في م والمطبوعة ١٠ / ٤١٠ نا عبد الله بن محمد.
(٢) بالأصل «جرير» والصواب ما أثبت عن م ، انظر ترجمته في سير الأعلام ٦ / ٣٦٣.
(٣) بالأصل وم والمطبوعة : «أو فاستدعاهم» والمثبت عن المختصر ٥ / ٢٩٤.
(٤) بالأصل : «أن يدخلوها فدخلوها فانفرجت لهم فلما أرادوا ...» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٥ / ٢٩٤.
(٥) سقطت من الأصل وم واستدركت عن المختصر والمطبوعة ١٠ / ٤١٠.
(٦) بالأصل وم «فاحتاطت» والمثبت عن المختصر.