يُقالُ : هُمْ أَخَابِثُ النَّاس ، وهو أَخْبَثُ النَّاس.
وَيُقالُ للرّجُل وللمرْأة : يا مَخْبَثَانُ ـ بِغير هَاءٍ للأنثى.
قال : وأمَّا قولُهمْ : نَزَلَ به الأَخْبَثَانِ فهما الْبَخَرُ والسَّهَرُ.
وفي الحديث : «لا يُصَلِّيَنَّ أحَدُكم وهو يدافع الأَخْبَثَيْنِ في الصَّلَاةِ».
أراد بالأَخْبَثَيْنِ : الْغَائِطَ والبَوْلَ.
والْحَرَامُ الْبحْتُ : يُسمَّى خَبِيثاً ـ مِثْلُ الزِّنَى والمالِ الْحَرامِ والدَّمِ ، وما أَشبَههَا مِمَّا حَرَّمَهُ الله تعالى.
وفي الحديث : «أَنَّ الخمرَ هي أمُ الْخَبَائِثِ» لأنَّها مُحَرَّمَةٌ تَحْمِلُ شارِبَها عَلَى الْخِصال الْخبِيثَةِ مِنْ سَفْك الدِّماءِ والزِّنى وغيْرِهِ ـ مِنَ المعَاصِي.
ويُقَالُ للشَّيْء الْكَرِيه الطَّعمِ والرَّائحة : خَبيثٌ .. مِثْلُ الثُّوم والبَصَلَ والكَرَّاثِ.
ولذلك قالَ النبي صَلَى الله عليه وسلم : «مَنْ أَكَلَ مِنْ هذهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».
وقال الله جلّ وعزّ ـ يَذْكُرُ نَبِيَّهُ مُحمداً صَلَى الله عليه وسلم : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) [الأعراف : ١٥٧].
فالطَّيِّبَاتُ : ما كَانت الْعَرَبُ تَسْتَطِيبُهُ من المآكِلِ الطَّيِّبَةِ التي لم يَنْزِلْ فيها تحريمٌ مِثْلُ الْجَرَاد والسَّمَكِ والضِّبَابِ والأرانب وسائرِ ما يُصَادُ من الْوَحْش ، ويُؤْكلُ من الأَزْوَاج الثمانيةِ المنْصُوصةِ في الْقُرْآنِ.
وأمَّا تَحْرِيمُه الخَبَائِثَ : فما كانت الْعَرَبُ تَسْتَقْذِرُه ولا تأْكُلُه .. مِثْلُ الأفَاعي والعَقَارِبِ وَالْحَرَابي والْبِرَصَةِ والْخَنَافِسِ والْوِرْلَانِ والْجِعْلَانِ والفَأْرِ.
فَأَحَلَّ النبي صَلَى الله عليه وسلم بِأَمْرِ الله ... ما كَانوا يَسْتَطِيبونَ أَكْلَهُ ، وحرَّمَ عليْهم ما كانوا يَسْتَخْبِثُونَهُ إلا ما نَصَّ الله جلّ وعزّ عَلَى تحريمه في الكتاب مِنَ الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به عند الذَّبْح ، أو بُيِّنَ تحريمُه على لسانِ النبي صَلَى الله عليه وسلم مِثْلُ نَهْيِه عنْ لْحُوم الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ ، وعن أَكْلِ كلِّ ذي نَابٍ من السِّباع ، وكُلِّ ذي مِخْلبٍ مِنَ الطَّيْر.
وَدَلَّتِ ـ الألفُ واللَّامُ ـ اللَّتانِ دَخَلَتَا للتَّعْريف في «الطَّيِّبَاتِ والْخَبَائِثِ» على أَنَّ المُرَادَ بها : أَشْياءُ كانتْ مَعْهودةً عند المُخَاطَبِينَ بها.
وهذا كُلُّهُ : مَعْنَى ما قاله مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيسَ الشَّافعيُّ رحمة الله في تَفْسيرهِ الآيةَ.
وأما قَوْلُ الله جلّ وعزّ : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) [إبراهيم : ٢٦] فإنَّ التَّفْسير جاءَ : أَنَّ الشَّجَرَة الْخَبِيثةَ : هي الْحَنْظَلة.
وقيل : هي الكَشُوثُ والله أَعْلمُ بِما أَرَادَ.
والكلمةُ الْخَبِيثَةُ : هي كلمةُ الشِّرْك.
وقال الله جلّ وعزّ : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) [النُّور : ٢٦].
وفيها قَوْلانِ : أَحدُهما : الكلِمَاتُ الخَبِيثَاتُ : لِلْخَبِيثِين من الرِّجال ، والرِّجالُ الخَبِيثونَ : لِلْكلماتِ الخَبِيثَاتِ ـ أَيْ : لا يَتَكلمُ بالخبِيثَاتِ إلّا الخَبِيثُ من الرجال والنِّسَاء.