حجةً لما احتج به له.
ومعنى إلا ما تَخَوَّنَهُ : إلا ما تعهَّدهُ.
وَكذلك قال أبو عبيدٍ حكايةً عن الأصمعيِّ أنه قال : التَّخَوُّنُ» : التعهد.
وأنشد بيتَ ذي الرُّمَّةِ هذا.
وإنمَا وصَفَ وَلَدَ ظَبْيَةٍ أَوْدَعْتهُ خَمراً ، وَهِيَ تَرْتَعُ بالْقُرْبِ مِنْهُ ، وتَتَعهَّدُهُ بالنَّظَرِ إلَيْهِ وَتُؤْنِسُهُ بِبُغَامِهَا.
وقوله : بِاسْمِ الماءِ.
الماءُ : حِكَايَةُ دُعائِها إياهُ.
وقال «دَاعٍ يناديه» فذكَّرَهُ ... لأنه ذهب به إلى الصَّوْتِ والنِّداء.
قلت : وقد يكون التَّخَوُّنُ بمعنى التَّنَقُّصِ.
ومنه قول لبيد يصف ناقةً :
عُذَافِرَةٌ تُقَمِّصُ بالرُّدَافَى |
تَخَوَّنَها نُزُولِيَ وارْتِحَالي |
ويقال : تَخَوَّنَتْهُ الدهورُ وتخَوَّفَتْهُ ـ أي تنقَّصَتْهُ.
فالتَّخَوُّنُ له معنيان : أحدُهما التَّنَقُّصُ والآخر التعهدُ.
ومَنْ جعله «تعهُّداً» جعل «النُّونَ» مُبْدَلة من «اللام».
يقال : تَخَوَّلَهُ ، وتَخوَّنَهُ .. بمعنًى واحدٍ.
ومنه حديثُ ابن مسعودٍ : «كان رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم يَتَخَوَّلُنَا بالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمة عَلَيْنَا».
وكان الأصمعيُّ يَرْوِيه : «يتَخَوَّنُنا» بالنون.
ويقال : رجلٌ خائنٌ ، وخَائِنَةٌ ـ إذا بُولِغَ في وصْفِهِ بالخيَانَةِ.
وَأَمَّا قَولُ الله جلّ وعزّ : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) [غَافر : ١٩] فإنَّه أَرَادَ ـ والله أعْلَمْ ـ : «يَعْلَمُ خِيانَة الأَعْيُنِ» .. فأَخْرَجَ «الْمَصْدَرَ» على «فَاعِلَةٍ» كقوله تعالى : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [الغَاشِيَة : ١١] ـ أَيْ : لَغْواً.
ومِثْلُه : سَمِعْتُ «راغِيَةَ الإبل» ، و «ثَاغِيَةَ الشَّاءِ» ـ أي : رُغَاءها وثُغَاءها.
كل ذلك من كلام العرب.
ومعنى الآية : أَنَّ النَّاظِرَ .. إذا نَظَرَ إلى ما لَا يَحِلُّ له النَّظَرُ إليه نَظَرَ خِيَانَةٍ .. يُسِرُّهَا مُسارَقةً : علمها الله ، لأنه إذا نَظَرَ النَّظْرَةَ الأُوْلى ـ غيرَ متعمِّدٍ نَظَراً ـ فهو غيرُ آثِمٍ ولا خَائِن.
فإن أعَادَ النَّظَرَ ـ ونِيَّتُهُ الخِيَانَةُ ـ فهو خَائِنُ النظرِ.
وقال اللَّيث : الْخِوَانُ : المائدة .. مُعَرَّبَةٌ وهي الْخُونُ .. والعَدَدُ : أَخْوِنَة.
وقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :
لِخُونٍ مَأَدُوبَةٍ وزمِيرُ
والْخَوَّانُ : مِنْ أَسماء الأَسَدِ.
وخن : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : التَّوَخُّنُ : الْقَصْدُ إلى خيرٍ أَو شَر.
قال : والْوَخْنَة : الفسادُ.
والنَّوْخَةُ : الإقامة.
خنى : وَالخَنْوَةُ : الْغَدْرَة.
والْخَنْوَةُ ـ أَيضاً ـ الْفُرْجةُ في الْخُصِّ.
وقال اللَّيْثُ : الْخَنَا ـ من الكلام ـ : أَفْحَشُه.