واحدة ، ولكنها تختلف أسماؤها ، وتكرم مَنَابِتُها ؛ فما كان منها في قُلَّةِ الجبل فهو النَّبع ، وما كان في سفحه فهو الشّريان ، وما كان في الحضيض فهو الشوْحَط.
والشَّريانات : عُروقٌ رِقاقٌ في جسد الإنسان.
أبو سَعيد ، يقال : هذا شرْوَاهٌ وشَرِيَّةٌ ، أي مِثْلُه ، وأنشد.
وتَرَى مَالِكاً يقولُ أَلَا تُبْ |
ـصِرُ في مَالِكٍ لهذا شرِيّاً |
وفي حديث أُمِّ زَرْع أنَّها قالت : طَلَّقَني أبو زرع ، فَنَكَحْتُ بعده رجلاً سَرِيّاً ، رَكِبَ شرِيّاً ، وأَخَذَ خَطِّيّاً ، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً شرِيّاً.
قال أبو عُبيد : أَرَادت بقولها : رَكِبَ شَرِيّاً ، أيْ فرساً يَسْتَشْرِي في سَيْره. أي يَلِجُّ ويَمْضي فيه بلا فُتور ولا انْكسار ، ومن هذا يقال للرجل إذا لَجَّ في الأَمر : قد شَرِيَ فيه ، واسْتَشْرَى.
وقال غيره : شَرِيَتْ عينُه بالدَّمع ، أي لَجَّتْ وتابعت الهَملان.
وقال الأصمعيّ : إبِلٌ شرَاةٌ وسراةٌ ، إذا كانت خِيارَا.
وقال ذو الرمة :
يَذُبُّ الْقَصايَا عن شَرَاةٍ كَأَنَّمَا |
جَماهيرُ تَحْتَ الْمُدْجِنَات الْهَوَاضِبِ |
ويقال لِزِمام النَّاقَة إذا تَتَابع حركاته لتَحْرِيكها رأسها في عَدْوِها : قد شرِيَ زِمَامُها ، يشرَى شَرًى.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الشِّرْيان : الشقّ ، وهو الثَّتُّ ، وجمعه ثُتُوت.
قال : وسأَلْته عن قوله عليهالسلام في شريكه : «لا يُشَارِي ولا يُمارِي ولا يُدارِي فقال : لا يشارِي من الشر. قلت : كأَنَّه أَراد لا يشارّ ، فقلب إحدى الرّاءيْن ياءً. ولا يُماري : لا يخَاصِمُ في شيءٍ له فيه مَنْفَعَه. وقوله : «ولا يُدارِي» ، أي لا يَدْفَع ذا الحق عن حَقِّه ، وقيل : لا يشاري : لا يلاجّ.
أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : شَرَيْتُ بمعنى بِعْتُ ، وشَرَيْتُ أي اشْتَرَيْت. وقال الله : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) [البقرة : ١٠٢].
قال الفراء : معناه ، بِئْسَ ما باعُوا به أَنْفُسَهُمْ. قال : وللعرب في شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان : فالأكثر منهما : أَنَّ «شَرَوْا» ، بَاعُوا ، و «اشْتَرَوْا» : ابتاعوا ؛ وربما جعلوهما بمعنى بَاعوا. والشَّراة : الْخوارِج ، سَمَّوْا أنفسهم شُراةً ؛ لأنَّهم أرادوا أَنَّهم باعوا أَنفسهم لله ، والواحد شارٍ ، وشَرَى نفسه شِرًى ، إذا باعها.
وقال الشاعر :
* فَلَئِنْ فَرَرْتُ من الْمَنِيَّةِ والشِّرَى *