* حتّى السَّدِيسُ لها قد أَسَنّ *
أي : نَبَت وصارَ سِنّاً ؛ هذا كلّه قول القتيبيّ ، وقد أخطأ فيما رَوَى وفسّر من وجهين : أحدهما : أنّه رُوِي في الحديث : «لم تُسنَن» بفتح النون الأولى ولم تُسن فأَظهَر التضعيفَ لسكون النون الأخيرة ، كما يقال : لم تُحلل ، وإنما أراد ابن عمر أنه يتقى أن يُضَحَّى بضحيّته لم تُثْنِ ، أي : لم تَصِر ثَنِيّة ، وإذا أَثْنَتْ فقد أسَنَتْ ؛ وعلى هذا قولُ الفقهاء ، وأدنى الأسنَان : الإثناء ، وهو أن تَنْبُت ثَنِيّتاها ، وأقصاها في الإبل البُزُول ، وفي البقر والغنم الصُّلُوع.
والدّليل على صحة ما ذكرتُه ما حدّثنا به محمد بن إسحاق عن الحَسن بنِ عفان عن أسباط ، عن الشّيباني ، عن جَبَلة بن سُحَيم قال : سألَ رجلٌ ابْنَ عمرَ فقال : أضحِّي بالجَذَع؟ فقال : ضَحِّ بالثَّنِيِّ فصاعِداً ؛ فهذا يسِّر لك أنّ معنى قوله : «يُتّقى من الضّحايا التي لم تُسْنِنْ» أراد به الإثناء.
وأما خطأ القُتَيْبي من الجهة الأخرى فقولُه : سُنت البَدَنة إذا نبتتْ أسنانُها ، وسَنَّها الله ؛ وهذا باطلٌ ، ما قاله أحد يَعرِف أدنى شيء من كلام العرب.
وقولُه أيضاً : «لم يُلْبَنْ ولم يُسْمَنْ ، أي : لم يعْطَ لَبناً وسَمْناً» خطأ أيضاً ، إنما معناهما : لم يُطعَم سَمْناً ، ولم يُسْق لَبَناً.
الحراني عن ابن السكّيت : السَّنُ : مصدرُ سَنّ الحَديدَ سَنّاً ، وسَنَ لِلقَوم سُنّة وَسَنناً وسَنَ عليه الدِّرْعَ يَسُنّها سَنّاً : إذا صَبّها.
وسَن الإبِل يَسُنّها سَنّاً : إذا أحسَن رِعْيَتَها حتّى كأنه صَقَلها. قال : والسَنَنُ : استِنانُ الإبل والخيل. ويقال : تَنَحَّ عن سَنَن الخَيْل ، وجاء : «من الإبل والخيل» سنَنٌ ما يُرَدّ وجهُه. ويقال : تَنَحَّ عن سَنَن الطريق وسُنَنه. وقال أبو عُبَيد : قال الفراء : سَنَن الطريق وسُنَنُه : محجّتُه.
وقال ابن السكيت : قال الأصمعيّ : يقال : سَنّ عليه دِرْعَه : إذا صَبَّها ، ولا يقال : شنّ. قال : ويقال : شَنّ عليهِ القارةَ ، أي : فرَّقها. شَنّ الماءَ على شرابِه ، أي : فرّقه عليه. وسَنّ الماءَ على وَجْهِه ، أي : صَبّه عليه صَبّاً سَهْلاً. وقولُ الله جلّ وعزّ : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر : ٢٦] ، قال ابن السكيت : سمعتُ أبا عمرو يقول في قوله : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ، أي : متغيِّر.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : سُنَ الماءُ فهو مَسْنون ، أي : تغيِّر. وقال الزّجّاج في قوله : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر : ٢٦] ، أي : مَصْبوب على سُنّة الطريق.
وقال اللّحياني : قال بعضهم : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) : متغيِّر. وقال بعضهم : طوّله جَعَله طويلاً مسنوناً ؛ يقال : رجل مسنون