وكقوله تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) [الأنبياء : ٨٢].
وأمّا الواحد ، فقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢].
وللاثنين كقوله :
تَعالَ فإِنْ عاهَدْتَني لا تَخونُني |
تَكُنْ مِثْلَ من ياذِئبُ يَصْطَحِبَانِ |
قال الفَرّاء : ثنَّى «يصطحبان» وهو فعل ل «مَن» لأنّه نَواه ونَفْسه.
وقال في جميع النساء : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) [الأحزاب : ٣١].
سَلمة ، عن الفراء : تكون «من» ابتداء غاية ، وتكون بعضاً ، وتكون صِلَة.
قال الله عزوجل : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ) [يونس : ٦١] ، أي : ما يَعْزب عن عِلمه وَزْنُ ذَرّة ؛ وأَنشد لداية الأحنف فيه :
والله لو لَا حَنَفٌ بِرجْلِه |
ما كان في فِتْيانِكم مِنْ مِثْلِه |
قال الفراء : من «صلة» هاهنا.
قال : والعرب تدخل «مِن» على جميع المَحالّ ، إلّا على اللّام والياء.
وتُدخل «من» على «عن» ، ولا تدخل «عن» عليها ؛ لأن «عن» اسم ، و «من» ، أداة ؛ قال القَطاميّ.
* مِن عَن يَمين الحُبَيَّا نَظْرةٌ قَبَلُ*
أبو عُبيد : العربُ تَضع «مِن» موضع «مُذْ» يُقال : ما رأيته من سنة ، أي مُذْ سنة ؛ وقال زُهير :
لمن الدِّيار بقُنّة الحِجْر |
أَقْوَيْن مِن حِجَجٍ ومِن دَهْرٍ |
أي : مُذ حِجَجٍ.
وتكون «من» بمعنى : اللام الزائدة ؛ قال الشاعر :
* أَمِن آل لَيْلَى عَرَفْت الدِّيَارَا*
أَراد : الآل لَيْلى؟
وتكون «من» بمعنى البَدل ، قال الله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)) [الزخرف : ٦٠].
مَعناه : ولو شئنا لجعلنا بدلكم.
وقال الفَراء : «المَنون» تُذكَّر وتُؤنث ، فمن ذكّره أَراد بها الدَّهر ، ومن أَنَّث أَراد بها المَنِية ؛ قال أبو ذؤيب :
* أمن المَنُون ورَيْبها تَتَوجَّعْ*
قال : والمَنون : المرأة تَتَزَوّج على مالها ، فهي أبداً تَمُنّ على زَوْجها. وهي المّنانة أيضاً.
وقال بعض العرب : لا تَتَزوّجَنّ حنّانةً ولا مَنّانة.
أبو عمرو : المِنَنَةُ : العَنْكَبُوت.
ولم يَبْق للثلاثيّ الصّحيح كلمة مُسْتعملة في حَرْف النون.