نَهَيْتُك عَن طِلَابك أُمَّ عَمْرٍو |
بعافِيةٍ وأنت إذٍ صَحِيحُ |
قال : وقد جاء : أَوَانئذ ، في كلام هُذَيل ؛ وأَنشد :
دلَفْتُ لها أَوَانئِذٍ بسَهْم |
نَحِيضٍ لم تُخَوِّنْه الشُّرُوجُ |
قال ابن الأَنْبَاريّ في «إذ» و «إذا» : إنما جاز للماضي أن يكون بمعنى المُستقبل إذا وقَع الماضي صِلَةً لمُبْهم غير مُؤَقت ، فجرَى مَجْرَى قَوْله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [الحج : ٢٥] معناه : إنّ الذين يكْفُرون ويَصُدّون عن سَبِيل الله ؛ وكذلك قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) [المائدة : ٣٤] معناه : إلّا الذين يَتُوبون.
قال : ويُقال : لا تَضْرب إلا الذي ضَرَبك إذا سَلّمت عليه ، فتَجيء «إذا» ، لأن «الذي» غير مُؤقَّت ، فلو وَقّتَه فقال : اضْرب هذا الذي ضَرَبك إذا سَلّمت عليه ، لم يجز في هذا اللفظ ؛ لأنّ توقيت «الذي» أَبطل أن يكون الماضي في مَعْنى المُستقبل.
وتقول العربُ : ما هَلك امْرؤٌ عَرَف قَدْرَه ، فإذا جاءُوا ب «إذا» قالوا : ما هلك امرؤٌ إذا عَرَف قَدْرَه ؛ لأنّ الفِعل حَدَثٌ عن مَنكور يُراد به الجِنْس ؛ كأنّ المتكلمِ يُريد : لا يَهلك كُلُّ امْرىء إذا عَرف قَدْرَه ، ومتى عَرَف قدره ؛ ولو قال : إذا عَرَف قدره ، لَوَجب تَوْقيت الخبر عنه ، وأن يُقال : ما هَلك امْرؤٌ إذا عَرف قدره ؛ ولذلك يُقال : قد كنتُ صابراً إذا ضربْت ، وقد كنت صابراً إذ ضربت ، تذهب ب «إذا» إلى ترديد الفعل ، تُريد : قد كنت صابراً كُلّما ضَرَبت. والذي يقول : إذ ضربت ، يذهب إلى وقت واحد وإلى ضَرْب مَعْلوم مَعْروف.
وقال غيره : «إذ» إذا ولي فِعْلاً أو اسْماً ليس فيه ألف ولام ، إن كان الفِعل ماضياً أو حرفاً مُتحرِّكاً فالذال منها ساكنة ، فإذا وليت اسماً بالألف واللام جُرّت الذال ، كقولك : إذ القومُ كانوا نازِلين بكاظِمَة ، وإذ النَّاس مَن عَزَّ بَزَّ.
وأما «إذا» فإنها إذا اتَّصلت باسم مُعَرَّف بالألف واللام ، فإن ذالها تُفْتح إذا كان مُسْتَقْبلاً ، كقول الله عَزَّ وجَلّ : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)) [التكوير : ١ ، ٢] لأن مَعْناها : إذا.
قال ابن الأَنْباري : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١)) [الانشقاق : ١] بفتح الذال وما أَشْبَهها ، أي تنشق ، وكذلك ما أَشْبَهها ، وإذا انكسرت الذال فَمَعْناها : «إذ» التي للماضي ؛ غير أن «إذ» تُوقع مَوْقع «إذا» و «إذا» موقع «إذ».
قال الله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي