المذكور في الآية الحاضرة أشبه بالحكم النهائي والتحريم الأبدي المطلق.
كما أنّ هناك موضوعا لا بدّ من التذكير به ، وهو أنّ الآية الحاضرة فسّرت في روايات عديدة في كتب الشيعة والسنة بسكر النوم ، يعني لا تقربوا الصلاة ما لم تطردوا النوم عن عيونكم كاملة لتعلموا ما تقولون.
ولكن يبدو للنظر أن هذا التّفسير مستفاد من مفهوم : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) وإن لم يدخل في مصداق «السكارى» (١).
وبعبارة أخرى ، يستفاد من جملة : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) المنع عن الصلاة في كل حالة لا يتمتع فيها الإنسان بالوعي الكامل ، سواء كان بسبب حالة السكر ، أو بسبب ما تبقى من النوم.
كما أنّه يستفاد من هذه الجملة أيضا أنّ الأفضل عدم إقامة الصلاة عند الكسل أو قلّة التوجه ، لأنّ الحالة السابقة توجد في هذه الصورة بشكل ضعيف ، ولعلّه لهذا السبب جاء في ما روي عن الإمام الباقر عليهالسلام من أنّه قال : «لا تقم إلى الصلاة متكاسلا ، ولا متناعسا ولا متثاقلا وقد نهى الله عزوجل المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى ...»(٢).
٢ ـ بطلان الصلاة في حال الجنابة الذي أشير إليه بعبارة (وَلا جُنُباً) ثمّ استثنى سبحانه من هذا الحكم بقوله : (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) أي إذا فقدتم الماء في السفر جاز لكم أن تقيموا الصلاة (شريطة أن تتيمموا كما يجيء في ذيل الآية).
غير أن هناك تفسيرا آخر جاء لهذه الآية في الروايات والأخبار (٣) ، هو أنّ المقصود من الصلاة في الآية هو محل الصلاة ـ أي المسجد ـ أي لا تدخلوا المساجد وأنتم على جنابة ، ثمّ استثنى العبور في المسجد بقوله : (إِلَّا عابِرِي
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤٨٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ٣ ، ص ١١٧١.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤٨٣ ، وقد جاء نظير هذا المضمون في صحيح البخاري أيضا.
(٣) وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٤٨٦.